تمغربيت:
رغم أن الاستعمار يبقى استعمارا، إلا أنه يختلف من نموذج لآخر.. فالاستعمار الفرنسي ليس هو الإنجليزي ولا يشبه الاستعمار الإسباني. فالاستعمار الفرنسي، هو شر أنواع الاحتلال، إذ قام على نهج تغيير الإنسان وثقافته وانتمائه وضرب صميم لغته ودينه وتقاليده.. الأمر الذي لم يصل بنماذج استعمارية أوربية أخرى إلى هذا الحضيض.
ولعل ثورة الأفارقة هذه السنين الأخيرة، ولو عبر انقلابات، إلا أنها تعبير عن الأوضاع في دول إفريقية كانت تابعة كلها لفرنسا الاستعمارية، يفسر المقصود..
في هذا السياق، استطاع الاستعمار الفرنسي الاستيطاني لجغرافيا الجزائر ل132 سنة، مثلا، أن يمحو اللغة العربية من الجزائر.
وقد حاول ضرب مقومات وأسس الدولة الأمة بالمغرب، إلا أنه لم يجد طريقه إلى النجاح: فلم يستطع هدم مئات المساجد بالمغرب تحت ذرائع شتى، مثلما كان الحال بالجزائر.. ولم يستطع قطع أواصر المحبة والارتباط التاريخي والديني بين الشعب والسلاطين أو الشعب المغربي والملكية.. ولم يستطع تنصيب ملوك مثلما ينصب الرؤساء فالسلاطين بالمغرب ينصبون بعقد البيعة شفاهيا وكتابيا وحضوريا ورضى من طرف علماء وفقهاء الأمة وممثلي الشعب ومسؤولي الحكومة إلخ.
كما أن نفس الاستعمار لم يستطع محو اللغة العربية، لتشبث ومحافظة المغاربة على تعليمهم العتيق المستمر إلى يوم الناس هذا.. كما فشل في نفي ملك البلاد حيث قامت الثورة عليه من كل فئات المجتمع في ربوع المملكة..
بعد كل هذا، على فرنسا مراجعة أسلوبها (الاستعماري القديم/الجديد) في التعامل مع إفريقيا عموما والمغرب خصوصا.. وعليها التخلص من سيكولوجية المستعمِر الكلاسيكية ، فالحال لم يعد هو الحال.. لا في الداخل الفرنسي، ولا في إفريقيا.. وإلا ستجد نفسها، بعد حين، خارج دائرة الفاعلين المؤثرين في المجتمع الدولي..
وبالنسبة لحكام القارة الإفريقية، فعليهم أن يتعلموا الدرس التاريخي.. وبأنه لا فرق بين استعمار وآخر، وبأن المدخل للسيادة يتم عبر تحقيق الاستقلالية الاقتصادية. وهو الهدف الذي ليس بالمستحيل بالنظر إلى حجم المقدرات الطبيعية والطاقية التي تزخر بها القارة السمراء.. شريطة التوفر على حكام وطنيين يحكمون بنفس شعبي وليس بنفس الكرسي.. فمتى يستيقظ هؤلاء الحكام الأفارقة ؟