تمغربيت : رحاب الغرباوي
يواصل المغرب تعزيز مكانته الاقتصادية على الصعيدين الإقليمي والدولي من خلال سياسة متوازنة تجمع بين الانفتاح على الشراكات الدولية والاهتمام بتطوير قدراته المحلية فالمملكة، بفضل موقعها الجغرافي الاستراتيجي بين إفريقيا وأوروبا، أصبحت منصة حقيقية للاستثمار وجسرا للتبادل التجاري بين القارتين كما أنها تشكل نقطة جذب للمستثمرين الدوليين الباحثين عن بيئة مستقرة وآمنة للنمو الاقتصادي وفي هذا الإطار تتجلى أهمية التعاون المغربي التركي كنموذج عملي للدينامية الاقتصادية التي تنهجها المملكة لتعزيز شراكاتها التجارية والاستثمارية مع الدول الصديقة والشقيقة.
حيث اجتمع كاتب الدولة المكلف بالتجارة الخارجية عمر حجيرة مع نائب وزير التجارة التركي مصطفى توزجو على رأس وفد يضم عشرين شركة تركية يوم الخميس بالرباط وقد تركزت المباحثات حول تعزيز التعاون التجاري بين البلدين دعم الاستثمارات المشتركة وتوسيع نطاق الشراكة الاقتصادية بما يسهم في تحقيق توازن أفضل في الميزان التجاري وتعزيز الصادرات المغربية في السوق التركية وتأتي هذه اللقاءات في إطار رؤية المغرب لتطوير العلاقات الاقتصادية الثنائية وفتح آفاق جديدة للنمو المشترك.
وأكد عمر حجيرة خلال هذا الاجتماع أن المملكة تولي أهمية كبيرة لتعزيز حضور الصادرات المغربية في الأسواق الدولية، واعتبر أن توقيع عدة اتفاقيات خلال هذه الزيارة يمثل خطوة عملية نحو تطوير الشراكة الاقتصادية بين البلدين ويعكس هذا النهج حرص المغرب على الانفتاح على الأسواق العالمية، وتوسيع شبكة العلاقات الاقتصادية بما يخدم الاقتصاد الوطني، ويخلق فرص عمل جديدة للشباب المغربي، ويساهم في التنمية المستدامة.
من جانبه أوضح نائب الوزير التركي مصطفى توزجو أن هذه الزيارة تأتي في إطار تنفيذ خارطة الطريق المتفق عليها خلال اجتماع اللجنة المشتركة للاتفاقية الخاصة بالتبادل الحر الذي انعقد في يونيو الماضي وأضاف أن الوفد التركي أجرى لقاءات ثنائية مثمرة، وسيواصل مباحثاته مع المسؤولين المغاربة لاستكشاف مزيد من إمكانيات التعاون في مجالات التجارة والاستثمار، وتعميق الشراكات بين الشركات التركية والمغربية.
وأشار توزجو إلى أن أكثر من 250 شركة تركية تعمل حاليا في المغرب، باستثمارات تصل إلى مليار دولار، وتوفر حوالي 20 ألف فرصة عمل، وهو مؤشر واضح على حجم التعاون الاقتصادي بين البلدين كما أكد أن المبادلات التجارية المغربية التركية شهدت نموا مهما منذ دخول اتفاقية التبادل الحر حيز التنفيذ سنة 2006 وهو ما يعكس تكامل الاقتصادين المغربي والتركي اللذين يشكلان اقتصادين ناشئين وحيويين على المستويين الإفريقي والأوروبي.
تشير هذه الدينامية الاقتصادية إلى استراتيجية المغرب المستمرة في تعزيز دوره كلاعب إقليمي ودولي من خلال تطوير شراكات قوية ومستدامة مع الدول الصديقة وخلق بيئة جاذبة للاستثمار المحلي والأجنبي كما أن تنظيم ندوة حول الاستثمار ومنتدى للأعمال في تركيا خلال شهر نونبر المقبل سيتيح جمع الفاعلين الاقتصاديين من المغرب وتركيا، بما يسهم في تعزيز فرص التعاون وفتح أبواب جديدة للاستثمار المشترك وتوسيع نطاق الصادرات المغربية.
ويعكس هذا التعاون أيضا قدرة المغرب على الجمع بين الانفتاح الاقتصادي والإصلاحات المؤسسية التي تهيئ بيئة مستقرة وجاذبة للاستثمار فالمملكة لا تكتفي بالمشاركة في الاقتصاد الدولي بل تسعى لصنعه، وتحويل كل فرصة إلى منصة للنمو، والابتكار، والتنافسية، مع الحفاظ على الهوية الوطنية واستثمار الكفاءات المحلية.
وعلى الصعيد الإقليمي، يلعب المغرب دورًا محوريًا في تعزيز التكامل الاقتصادي مع الدول الإفريقية، مستفيدًا من موقعه الاستراتيجي كحلقة وصل بين القارات. وهو بذلك يصبح منصة لتصدير الخبرات المغربية، وتوسيع شبكة الشراكات مع الأسواق الجديدة، وتعزيز التبادل التجاري والاستثماري بما يحقق المنافع المشتركة.
من جهة أخرى، يؤكد التعاون المغربي–التركي على قدرة المملكة على إدارة علاقاتها الاقتصادية بكفاءة، وتوظيفها لخدمة مصالحها الوطنية، وخلق فرص عمل مستدامة ودعم الصناعات الوطنية وتعزيز تنافسية الاقتصاد المغربي على المستويين الإقليمي والدولي.
كما أن هذه الشراكات تعكس رؤية المغرب الطموحة في جعل الاستثمار والتجارة أدوات لتحقيق التنمية الشاملة وتوسيع آفاق التعاون الاقتصادي مع مختلف الشركاء الدوليين.
التعاون المغربي التركي هو إرادة مشتركة لتطوير شراكة اقتصادية متينة ومستدامة تقوم على الاستفادة من القدرات والفرص المتاحة لدى البلدين، وفتح آفاق جديدة للنمو الاقتصادي المغرب بهذه الدينامية يثبت مرة أخرى أنه ليس مجرد مشارك في الاقتصاد العالمي بل صانع للمبادرات وجسر للتعاون الدولي ومنصة حقيقية للنمو المشترك بين الدول مما يعزز دوره الريادي في إفريقيا وأوروبا والعالم.