تمغربيت :الصحراء المغربية .. مع الحسن شلال
بينما تضغط فرنسا والولايات المتحدة من أجل الحكم الذاتي للصحراء الغربية تحت السيادة المغربية، انتقل اليسار الراديكالي الفرنسي( المتمثل في حزب فرنسا الأبية LFI)، رغم كل الصعاب، من الدعم الواضح للجزائر وجبهة البوليساريو إلى موقف أكثر دقة وتوازنا .. وهو الموقف الذي دفع أجهزة دولة لانجيري إلى الرد بشكل بائس كالعادة، كما أثار غضب شبكات التواصل الاجتماعي (من الذباب الإلكتروني على وجه الخصوص).
بينما تُشكّل القضية الفلسطينية جوهر الأحداث الجارية، جذبت الصحراء المغربية انتباه وزراء الخارجية بشكل لافت.؛. وكانت جولة المبعوث الأمريكي مسعد بولس، وخطاب العرش الذي ألقاه الملك محمد السادس مادًّا يده البيضاء نحو الجزائر والشعب الجزائري تحديدا، ورسالة دونالد ترامب التي أكّد فيها دعمه للهوية المغربية للأقاليم الجنوبية، وأخيرا تأكيد إيمانويل ماكرون لجلالة الملك عبر رسالة تهنئة بمناسبة ثورة الملك والشعب عن وقوف فرنسا إلى جانب المملكة الشريفة .. جميعها مؤشرات أعادت قضية الصحراء إلى صدارة الأجندة الدولية.
في هذه السياقات .. تدفع الولايات المتحدة، التي تدرس إعادة تصنيف هوية وطبيعة جبهة البوليساريو كتنظيم إرهابي .. وفرنسا، التي تنسق بشكل وثيق مع الرباط، باتجاه تغيير الإطار الأممي (للمينورسو) التي أنشئت منذ 1991 دون تمكنها من من تحقيق شيء على أرض الواقع الملموس بسبب الجمود المستمر..
ولأول مرة منذ ثلاثين عاما، يطرح مشروع بديل على الطاولة، يتمثل في استبدال هذه البعثة (المينورسو) ببعثة “مانسانسو Mansaso” أي (بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في التفاوض بشأن وضع الحكم الذاتي في الصحراء الغربية المغربية)، التي لم تعد مسؤولة عن التحضير للاستفتاء (المستحيل تحقيقه والذي تجاوزته الأمم المتحدة منذ العام 2000)، بل عن دعم الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية.
وفي حال تم اعتماد هذا الإصلاح، فإن الرباط ستحصل على اعتراف دبلوماسي كبير بخطتها، مع احتمال رؤية الصحراء خارج قائمة “الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي”.
طبعا في الجانب الجزائري والفصيل الإرهابي، بكاء وحزن و”العْزا” في الشيراطون، خصوصا أن هذه الإصلاحات الأممية تقوم بها الدبلوماسية الملكية المغربية بهدوء مع القوى العظمى والأمم المتحدة، والتي لا قِبل للجزائر الهشة بمقارعتها ..
اليسار وإعادة تموضع بخصوص ملف الصحراء
وفي فرنسا، طرأ تطورٌ مفاجئٌ آخر، تمثل في إعادة تموضع حزب اليسار المتشدد “فرنسا الأبية LFI”، الذي تبنى مؤخرًا نهجًا أكثر توازنا، مبتعدا شيءا ما عن موقفه القديم المساند للأطروحة الانفصالية الجزائرية .. فالحزب اليساري الذي لطالما دعم جبهة البوليساريو، يُقر الآن بتقدم المغرب وأصبح يطرح مبادرة الحكم الذاتي كخيارٍ واقعي ! وهوموقف غريب عن اليسار الراديكالي يبرز مدى العزلة التي تعرفها كلا من الجزائر والبوليساريو حتى على مستوى أحزاب اليسار إيديولوجياً. وقد أثار هذا التطور ردود فعلٍ قوية في الجزائر وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يرى البعض أنه مناورةٌ انتخابيةٌ في الفترة التي تسبق الانتخابات الفرنسية عام 2027..
هذا الموقف من الحزب اليساري الفرنسي هو الذي يفسر لنا انقلاب “المسترزقة ريما حسن” مؤخرا ضد الطرح الجزائري إذاً ..
المغرب وحلفاءه في الموعد القادم – بمجلس الأمن
ويبدو أن الجدول الزمني سيكون حاسما. ففي أكتوبرالقادم، موعد اجتماع مجلس الأمن بخصوص الصحراء .. سيتعين على مجلس الأمن اتخاذ قرار بشأن تجديد ولاية المينورسو.
بينما يدعم الرباط، ثلاثة أعضاء دائمين – واشنطن وباريس ولندن – مع احتمال امتناع روسيا والصين عن التصويت (كالعادة وهو في صالح المغرب طبعا) .. وبالتالي، تأمل الرباط في حشد أغلبية كافية من الأعضاء غير الدائمين لإقرار هذا الإصلاح المطلوب (استبدال بعثة المينورسو ببعثة “مانسانسو Mansaso”).. لو حدث ذلك، فسيكون تحولا ومنعطفا تاريخيا؛ بحيث سيتم رفض خيار الاستفتاء واستبداله لصالح مبادرة الحكم الذاتي، مما سيؤسس لتفسير جديد لقضية الصحراء على الساحة الدولية.