تمغربيت:
أهداني ولدي، محمد رضى، كتاباً صدر حديثا وهو بعنوان «لومال ألجيرية» «Le Mal Algerien».. وهو لمؤلفين أستاذين فرنسيين الأول اسمه جون لويس لوفي Jean Louis Levet وهو أستاذ محاضر في العلوم الاقتصادية في الجامعات الفرنسية، له عدة مؤلفات من بينها كتاب بعنوان «فرنسا.. الجزائر سوء التفاهم الكبير» La France – LAlgerie le grand malentendu».
أما المؤلف الثاني فهو «بول طوبيلا» Paul Tolila.. أستاذ جامعي وباحث وخبير في العلاقات مع الجزائر وأسباب العراقيل التي تحيل دون التعاون والتفاهم مع فرنسا..
الخبيران
هما إذن خبيران في «المجتمع والسلطة» في الجزائر، عالجا الموضوع بدون تنازلات.. يصفان ميدانيا الطبيعة الحقيقية للنظام والعقبات التي يضعها لعدم تقوية العلاقات مع المستعمر القديم فرنسا.
والكتاب بعنوان «لُومال ألجيرية»، وقد حِرت في ترجمة كلمة «لومال Le mal».. ففي «گوگل» كانت الترجمة «الشر» و«اليأس» وفي المنجد «الألم» و«المرض»، وفي بعض الأدبيات «الإخفاق» «والإعاقة» و«أخرى المتاعب» و«المصاعب».. لذلك لم يستقر رأيي على الكلمة المناسبة ومع ذلك اخترت مؤقتا ترجمة «لومال» بالمرض..
اتفقت الحكومتان الفرنسية والجزائرية على تكليف هذين الباحثين بالانكباب على دراسات ميدانية في الجزائر.. على مختلف الأصعدة الاقتصادية والمالية والصناعية والثقافية. ومحاولة فهم أسباب فشل التعاون في مختلف هذه الميادين وربط الاتصال بين الفاعلين في هذه المجالات.. ووضع خارطة طريق أمام البلدين لتجاوز الأوضاع والسماح للجزائر بل مساعدتها، على رسم مخطط عملي وواقعي لنهضة اقتصادية واجتماعية وثقافية ربحاً لما ضاع من الوقت خلال عقود.
انطلقت المهمة في مارس 2013، وخلال ما يزيد على خمس سنوات زار الخبيران الفرنسيان الجزائر عشرات المرات.. وعقدا مئات الاجتماعات على أعلى المستويات، في القطاعين العام والخاص، إلى جانب قادة الجامعات والجمعيات.. وخلال هذه اللقاءات، في الجزائر وفي فرنسا، تم جرد كافة الوسائل وتحديد الإمكانيات لميلاد تعاون ظل غائبا منذ ميلاد الدولة الجزائرية سنة 1962.
طريق الخلاص
في مُقدمة الكتاب وصل المؤلفان إلى خلاصة مفادها «إن ميلاد الجزائر الجديدة» يقتضي دمقرطة عميقة للحياة السياسية وانفتاحا مقننا وملزما على دولة الحق والقانون، وضمان الحريات.. والتكوين وإعادة التكوين وتحديث المؤسسات حتى لا تبقى هذه الشعارات فارغة وغائبة عن ممارسة السلطة الجزائرية …»
وأضافا «هناك لغز محير، وهو أنه، إلى جانب الخطب العصماء والعنيفة لمختلف الحكومات الجزائرية يظهر أن الجزائر لا تحسن إلا الإشادة بانتصارها على فرنسا.. إن مثل هذه الاحتفالات تُكوِّن وقوداً لوطنية ظليلة و«بروباغندا» تتكفل بحماية الحكم الجزائري، وضمان استمرار «النُّومانْكلتورا» في استغلال الخيرات.
جهود بدون نتائج
الكتاب هو عبارة عن تقارير لتنقلات واجتماعات، في فرنسا والجزائر، إلى جانب ربورتاجات، تكاد تكون صحفية، عن مشاهداتهما في المدن والجامعات والوزارات والمعامل.. وهناك الكثير من الأرقام الصادمة والخلاصات السلبية، واعتراف في نهاية المطاف بفشل كل المحاولات مع ذكر الأسباب والحيثيات، وسأعود لذكر بعض الحالات من هذا «المرض الجزائري» والبلاد تخضع لفحص ميداني من طرف خبيرين حاولا مساعدة بلدهما على ولوج السوق الجزائرية دون أن يتمكنا من فهم «العقلية الجزائرية» التي قالا عنها.. “إن عقارب الساعة في الجزائر توقفت حول حرب التحرير التي تحتل الصدارة في الخطاب الجزائري.. وما عدا ذلك يمكن اعتباره «مسرحا للأشباح».