تمغربيت:
مرت فرنسا فترة حكم ماكرون بهزات كبيرة جدا أبرزها احتجاجات السترات الصفراء التي دامت لفترة طويلة.. كما تمثلت الثانية في الاحتجاجات الأخيرة التي كانت عنيفة جدا على إثر مقتل الطفل نائل.. مما يستنتج منه عمق الأزمات في فرنسا.. كما يفهم منه عدم استطاعة الحكومات الفرنسية المتتالية الحد أو علاج هذه المشاكل في عمقها..
ورغم ما توحي به عودة الهدوء إلى المدن وخصوصا الضواحي التي اشتعلت في فرنسا مؤخرا.. بعد الفوضى التي كانت تشبه مشاهد غزة زمن الانتفاضة.. فالأمر يشبه تماما الهدوء الذي عم فرنسا بعد احتجاجات السترات الصفراء.. إذ كان مجرد هدوء مؤقت قبل اندلاع عاصفة أخرى.. ذلك أن عمق ولب أسباب هذه الانتفاضات عميق جدا ولم يتم بعدُ، تشخيصه وعلاج جوهره.
مسببقات الاحتقان..
ويبقى غلاء المعيشة أو قتل طفل أو تمرير مشروع قضائي إلخ مجرد أسباب تمثل شرارات للقيام بهذه الانتفاضات العنيفة أو تلك.. من أجل الاحتجاج لمواجهة الانسداد في الأفاق الاجتماعية والعمرانية بضواحي المدن الكبرى التي ينتمي إليها المهاجرون من جميع الأجناس.
فالكثير من المختصين والخبراء شددوا على الحاجة إلى معالجة جذور المشكلة التي أججت غضب السترات الصفر سابقا وشباب الضواحي لاحقا.. مع الدعوة إلى إطلاق عملية إصلاح حقيقية تمس عمق المشاكل.
هذا وقد صب الإعلام الأوربي والأمريكي والبرلمانات الأوربية والأمريكية، جام غضبهم على جهاز الأمن الفرنسي وعلى المقاربة الفرنسية الأمنية التي اتهمتها هذه الجهات بالعنصرية.. حيث اعتبرت العنصرية أصلا من أصول المشاكل الاجتماعية والثقافية بفرنسا.
والعنصرية المتفشية في فرنسا، مشكل قال به عدد من المختصين أيضا: حيث يرون أن الفرنسيين من أصول دول تعد مستعمرات سابقة لفرنسا، يتعرضون للعنصرية ويشعرون دوما بالضيق بسببها.. مما يسبب لهم أزمات اجتماعية وثقافية ونفسية.. وبالتالي تشكل أسبابا عميقة لاحتجاجات الضواحي بشكل عنيف.
إن ما يتعرض له بعض المختلفين في اللون والدين واللغة من مضايقات وتفتيش غير مبرر وعنف، من طرف الشرطة يعتبر بشكل من الأشكال “إرهاب دولة” يثير ردود أفعال عنيفة من الجهة المقهورة من المهاجرين… وفي آخر المطاف، فجهة الشرطة تفترض التهمة في شباب الضواحي.. فيما يفقد الشباب الصبر أمام عنصرية واستفزازات الشرطة.. في مشهد من الأفعال وردود الأفعال اللا متناهية..
كما يشير الخبراء إلى أن جذور الأزمة تشمل أيضا ارتفاع معدلات البطالة والتهميش والتمييز وقلة فرص التعليم إلخ، في الضواحي حيث يعيش المهاجرون والفئات الهشة من المجتمع الفرنسي. فالرفع من مستوى التعليم وجودته حسب وجهة نظرهم ستمكن هذه الفئات من امتلاك دبلومات عالية وفرص حياة أفضل في فرنسا وسوف تشعرهم بتكافئ الفرص مثلهم مثل ساكنة المدن الكبرى.. وحينئذ وبالتأكيد ستتقلص الفوارق الاجتماعية ويزول اليأس وانسداد الأفق لدى الكثير من المهاجرين بالضواحي.