تمغربيت:
تتمة..
وتتضمن البيعة معنى الولاء وسيادة المبايع على مناطق المبايعين، وذلك انطلاقا من ازدواجية معاني البيعة التي يلتقي فيها البعد السياسي بالبعد الديني بالدرجة التي لا يمكن معها فصل أحدهما عن الآخر.. فإن المبايعة من حيث الممارسة في التاريخ الإسلامي بشكل عام وفي تاريخ الدولة المغربية بشكل خاص، هي دائما بيعة شاملة تجمع بين ما يمكن أن نسميه بثنائية « الفرد / والأرض».
البيعة وعلاقتها بالأرض..
فليست هناك بيعات مجردة، وإنما تأتي البيعة دائما مقرونة بالإقليم أو بالحاضرة أو بالقبيلة أو بالجهة التي ينتمي إليها الأفراد المبايعون. وهكذا جرى التقليد على أن تتم المبايعة بنصوص شاملة للبلاد بأسرها، وأخرى قد تهم الحواضر مثل بيعة فاس أو بيعة مراكش أو بيعة مكناس.. وثالثة قد تهم بعض الزوايا أو الأشراف. وفي حالة أخرى قد تتم المبايعة عن طريق الأقاليم بأسمائها وتوقيع رؤسائها وشيوخها لترفع إلى السلطان مثل : بيعة قبائل سوس و بيعة أهل الغرب وبيعة إقليم تجكانت وهو الاسم القديم لتندوف الحالية.
وهذا عينه ما يمكن للباحث المطلع على نصوص البيعات من تكوين تصور شامل لمضمون السيادة المغربية.. وامتداداتها ومعرفتها معرفة قانونية وشرعية مبنية على الوثائق والحجج الكافية.
وإن نصوص البيعات من هذا المنظور، تعد وسيلة من بين الوسائل الأخرى لتأكيد مغربية الصحراء بواسطة نصوص بيعات قبائلها للسلاطين والملوك العلويين.. ومنها بيعة قبائل أهل الساحل والقبلة وأولاد دليم وبربوش والمغافرة وأولاد مطاع وجرار وغيرها للمولى إسماعيل سنة 1089هـ / 1679م.. وذلك بواسطة حركته لناحية سوس وصحرائها، حيث تزوج خناتة بنت بكار المغفرية.
ويندرج في نفس السياق، أيضا، بيعة أهل توات للسلطان مولاي عبد الملك بن مولاي إسماعيل سنة 1140 هـ / 1728م.. وبيعة الشيخ المختار الكنتي للسلطان مولاي عبد الرحمان، وبيعة ابنه الشيخ أحمد البكاي للسلطان نفسه، وبيعة إمام تندوف الشيخ محمد بن المختار بن لعمش الجكني، التي يعلن فيها عن بيعة هذا الإقليم للسلطان سيدي محمد بن عبد الرحمان إلى غير ذلك من البيعات الصحراوية التي ظلت مسترسلة إلى اليوم.