تمغربيت:
مؤسسة البيعة مؤسسة شرعية
..ويتبين من مضامين نصوص البيعات أن مؤسسة البيعة بالمغرب تقوم على أسس الشريعة الإسلامية الحنيفة، إسوة بالبيعات الإسلامية الأولى. وأنها تستوحي مضامينها من قوله تعالى : “لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فانزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا”.. ومن قول الرسول ﷺ : «من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة الجاهلية».
والملاحظ أن البيعة بالمغرب تصاغ بكيفية خاصة تشتمل على عشر مكونات هي : الديباجة، ومرجعية تأسيس البيعة والمقاصد الشرعية، والسياق الخاص للبيعة وصفات المبايع.. والجهة التي تقدم البيعة، والتصريح والإقرار بالبيعة والشروط التي تنعقد عليها البيعة، والدعاء، والإشهاد على البيعة.
البيعة صارمة النص..
فصيغتها هي من إنشاء كبار العلماء ولغتها بديعة وصغيتها احتفالية، وهي مع صارمة في النص على مثل ما يقوم عليه العقد من أركان. مثقل أسلوبها بمرجعية دينية، حيث تستهل دائما بالبسملة والتصلية وفي الغالب تأتي بالحمدلة. كما أنها تعتمد على الاستشهاد بآيات من القرآن الكريم مثل قوله تعالى : “إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما وينصرك الله نصرا عزيزا”.
ومن الملاحظ أيضا أن البيعات تكاد كلها تعتمد على الاستشهاد بالآية الكريمة الآتية.. “إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم.. فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسنوتيه أجرا عظيما”.
وفي بعض الأحيان كانت نصوص البيعات تبتدئ بسور قرآنية لها علاقة بالملك مثل قوله تعالى : “تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير”.
البيعة ومرجعية الخلافة
هذا، ومن ناحية أخرى يلاحظ أن البيعة في المغرب تتخذ الخلافة الإسلامية مرجعية شرعية لها باعتبارها الإطار التنظيمي للحكم. وتشير جميع البيعات إلى أهمية هذه المنظومة في تدبير شؤون الأمة.. وقد ورد في أحد نصوصها ما يأتي: «الحمد الله الذي نظم بالخلافة شمل الدين والدنيا.. وأعلى قدرها على كل قدر فكانت لها الدرجة العليا، وأشرق شمسها على العوالم وأنار بنورها المعالم وأصلح بها أمر المعاش والمعاد وألف بها بين قلوب العباد بين الحاضر والباد» أو « الحمد لله الذي أظهر بالخلافة لآدم فضله وتشريفه وقال للملائكة في حقه : إني جاعل في الأرض خليفة».