تمغربيت:
تدشين السد ولم الشمل
بتاريخ 24 يوليوز من عام 1973م دشن الملك الحسن الثاني، باني السدود، سد يوسف ابن تاشفين، بمنطقة أشتوكة.. والجميل في هذا الحدث، أن التدشين تم بحضور رئيسين من رؤساء شمال إفريقيا والمغرب الكبير. ويتعلق الأمر بكل من هواري بومدين رئيس الجمهورية الجزائرية والمختار ولد داده الرئيس الموريتاني..
وهنا تتجلى الكثير من الدلالات والمعاني، تتعلق بالسياسة والحكمة ومد جسور الصداقة والأخوة وحسن الجوار.. فعلا وقولا.. التي نهجها وما زال ينهجها المغرب تجاه جيرانه..
هكذا كان تفكير الحسن الثاني، وكانت هذه استراتيجيته ورؤيته البعيدة المدى.. التي تتجاوز الحدود إلى بناء تكتلات إقليمية تروم القوة في التكامل بين البلدان المغاربية. فلنتخيل أن بومدين، وهو الذي يعنينا دون الرؤساء الآخرين بالمغرب الكبير.. على اعتبار أن القوتان المحددتان لهكذا تكتل مغاربي هما الجزائر والمغرب.. قلنا لنتخيل أنه سار على هذا الخط الذي أراده وخطط له الحكيم الحسن الثاني.. فاستهوته استراتيجية السدود بالمغرب.. فاستعان بالخبرة المغربية في المجال، ثم أتبعه باتفاق مغربي جزائري خاص بتزويد المغرب للجزائر بكل ما تحتاجه من المنتوجات الفلاحية المغربية.. وتبعه أيضا اتفاق في مجال الطاقة يروم تزويد المغرب بالنفط والغاز الجزائري.
تخيلوا معنا فقط
ولنتخيل أن الاتفاق المغربي الجزائري حول منجم غار جبيلات تم تنزيله على أرض الواقع فتم تقاسم ثروات هذا المنجم مقابل تصدير الجزائر لهذه الثروة عبر المحيط.. فأصبح لها منفد عبر المحيط بشكل سلس دون الحاجة إلى حروب ونزاع مفتعل ووو.
ومرة أخرى لنتخيل أن الطريق السريع وسكة القطار امتدتا من الرباط إلى وهران والجزائر إلى تونس ثم ليبيا.. كان يمكن لأكثر من 100 مليون مغاربي يتجولون بين البلدان الخمسة بدون تأشيرات ولا موانع جمركية ولا ولا ولا.. ويساهمون في الاستهلاك والسياحة والتعاون العلمي والخدماتي بين بلدان المغرب الكبير..
ولنتخيل أن هذه البلدان المنضوية تحت مظلة تكتل مغاربي تتحاور في موقع قوة، مع الاتحاد الأوربي مجتمعة وليست بأشكال فردية… ولنتخيل أن ميزانيات الدفاع في كل هذه البلدان لا تحتاج سوى نصف ما تصرفه حاليا.. والباقي تتصرف فيه لتنمية وتطوير المجالات المدنية من فلاحة وصناعة وسياحة وخدمات إلخ
أمثلة وعبر
هذه أمثلة وأشكال من التداعيات التي كان بالإمكان تحقيقها وكان الحكيم الحسن الثاني يريد تحقيقها من وراء إشراك رؤساء البلاد المجاورة في حدث كهذا.. حدث تدشين سد يوسف ابن تاشفين بتاريخ 24 يوليوز 1973م.
لكن بومدين كان له رأي وموقف آخر عام 1975م.. موقف التقسيم عوض التجميع، وموقف الحرب عوض السلم.. وأيضا موقف التسليح عوض التنمية المدنية.. فعرقل إقامة الاتحاد المغاربي، واستنزف الكثير من القدرات المغربية كما استنزف الاقتصاد الجزائري أيضا.. وأغلق الحدود، وعادى بين البلدين الجارين.. ولم يجد له منفذا إلى المحيط، ولم يستطع استغلال منجم غار جبيلات.. ودخل في حرب غير مباشرة ضد المغرب منذ 1975 إلى 1991 حين اختارت الجزائر وقف إطلاق النار عبر ذراعها العسكري الإرهابي ( البوليساريو)
قمنا بالتذكير، لعل الذكرى تنفع العاقلين، بحدث جميل اجتمعت فيه الرؤية الاستراتيجية واستشراف المستقبل الواعد والحكمة الثاقبة للحكيم الراحل الحسن الثاني .. والذي اصطدم بالغباء والغدر والنفاق وقل ما شئت من كلمات السوء والشر والرداءة الذي مثله بومدين والنظام البومدييني الحاكم إلى يومنا ببلاد هوووك..