تمغربيت:
الغضب لمقتل طفل بريء على أيدي الشرطة هو أمر مقبول جدا، والاحتجاج مطلوب.. وسلك طرق القصاص القانونية هو من أوجب الواجبات. غير أن الرد على جريمة بجريمة أخطر منها ونهج طريق التخريب والنهب والسلب، يعتبر مرفوضا دينيا واجتماعيا وأمنيا.
وهنا نتساءل عن الذنب الذي ارتكبه المواطن الفرنسي العادي، أو أصحاب الشركات التي نهبت، أو المرافق العامة التي يستفيد منها الجميع؟؟ إنها الفوضى التي انبرى إليها جماعة من الجزائريين المقيمين في فرنسا.. تلك الفوضى التي لو كُتب للشهيد نائل المرزوقي رؤيتها لتبرأ منها ولعن أصحابها.
غير أن المشكل يتجاوز ردة فعل على مقتل طفل بريء.. ليتطور الأمر إلى ظاهرة خطيرة أصبحت تؤرق صانع القرار الفرنسي، والذي ظل يتعامل مع هؤلاء الجزائريين كخزان انتخابي يستميل به كفة هذا على ذاك.. ومن أجل ذلك اجتهد الإليزي في استمالة ساكن قصر المرادية وعسكر بن عكنون من أجل المساهمة في تأطير الدياسبورا الجزائرية لخدمة أجندات انتخابية ضيقة.
إن الفرنسيين أصبحوا يضعون أيديهم على قلوبهم، خاصة وأنهم يرون نموذجهم السياسي في مهب الريح.. بل وأمنهم القومي الذي أصبح مهددا من طرف جالية جزائرية لم تتشبع يوما عقيدة الوطن.. ولا اقتنعت بالقوانين والأعراف والسلوك السوي. فلم يجد الإليزي بدا من أن يطلب من الجزائر استعادة “مشاغبيها” على عجل لأنهم أصبحوا يشكلون عبئا أمنيا واقتصاديا وحتى سياسيا على فرنسا.
إن هذا السلوك العنيف يذكرنا باحتفالات المغاربة في المهجر بمناسبة فعاليات مونديال قطر.. وكيف أنهم شكلوا نموذجا في الاحتفال، كما شكلوا مثالا في الاحتجاج. هذا الأمر يعتبر عاديا بالنسبة لمواطنين جاؤوا من بلد تشبع شعبه مبادئ الدولة الأمة واستطاع أن ينصهر في المجتمعات الديمقراطية بشكل سلس وهادئ.. هو الفرق إذا بين الشعب الأمة وبين “التائهين في التاريخ وفي الجغرافيا”.