تمغربيت:
د. عبد الحق الصنايبي*
في معرض تناوله لزيارة “فخامته” لأرض الكنانة، تناول إعلام الثكنات بكثير بالفخر وادعاء المجد مقترح الجزائر للتوسط بين إثيوبيا ومصر والسودان في ملف سد النهضة، والذي يشكل إكراها جديا وتحديا حقيقيا للأمن القومي للدول الثلاثة.
وإذا كانت الوساطات تدخل في إطار المبادرات المحمودة والمساعي الحميدة في حل النزاعات بشكل ودي، وهو ما جعلها تحظى بمكانة مهمة في القانون الدولي (Les médiations et les bons offices) فإن الجزائر يُفترض أن لها مواقف مبدئية من الدول المطبعة مع “الكيان الصهيوني”، خاصة الدول العربية التي خرجت عن الإجماع وابتعدت عن جبهة الرفض والممانعة التي يقودها “الخروبيون الجدد” بعد تحول سوريا إلى دولة فاشلة بالمعايير الدولية.
غير أن حقيقة البنية السلوكية العسكرية تقطع بأن العداء لإسرائيل ما هو إلا شعار براق تبناه نظام الثكنات لدغدغة الشعور العربي واللا وعي الداخلي للتغطية على جرائم النظام العسكري في حق شعبه في محاولات ماكيافيلية متكررة لاستغلال “أي شيء” من أجل إحكام القبضة الأمنية على شعب عانى الأمرين مع نظام قلق وتنظيم مغلق يرى في الدم والمؤامرة أهم مخارج أزمة الشرعية السياسية للنظام.
لقد كان النظام الجزائري سباقا إلى التمسح بأعتاب إسرائيل وقام بالمحاولة تلو المحاولة لإبرام تطبيع “على المقاس” يخدم مصالح الأوليغارشية الحاكمة وأيضا يقيه من الانتقادات الداخلية التي قد تؤدي إلى اهتزازات اجتماعية يبقى نظام الثكنات غير مؤهل لمواجهتها.
ولعل زيارة قبر السادات، دون غيره من الرؤساء، وعرض الوساطة في ملفٍ جميع أطرافه من االمطبعين، واللهث وراء علاقات استراتيجية مع دول عرابة للتطبيع، هي دلائل ملموسة وقرائن محسوسة على أن نظام الثكنات يلهث وراء مكاسب التقرب من إسرائيل ويريد أن يتذوق حلاوة التطبيع مع الاحتفاظ بشرف “الممانعة الشفوية” و”المزايدة اللفظية” حتى يستمر في استغباء شعب لم تعد تنطلي عليه مسرحيات وألاعيب “الفارين من الجيش الفرنسي” Les DAF.
*خبير في الشؤون الاستراتيجية والأمنية