تمغربيت : رحاب الغرباوي
يعتبر المغرب اليوم من أبرز النماذج العالمية في مجال الانتقال الطاقي المستدام، حيث نجح في تحويل تحدياته الطاقية إلى فرص استراتيجية، معززا بذلك مكانته كوجهة استثمارية رائدة في قطاع الطاقات المتجددة حيث يسعى المغرب من خلال هذه الاستثمارات إلى تحقيق أمنه الطاقي وتقليل اعتماده على واردات الطاقة، مع تعزيز دوره كمركز إقليمي للطاقة النظيفة.
منذ إطلاق الاستراتيجية الوطنية للطاقة في عام 2009، استثمر المغرب أكثر من 60 مليار درهم، أي ما يعادل نحو 6 مليارات دولار أمريكي، في مشاريع الطاقات المتجددة. وقد ساهم القطاع الخاص في أكثر من 50% من مشاريع طاقة الرياح، مما يعكس بيئة استثمارية مشجعة ومناخا مناسبا للمستثمرين المحليين والأجانب على حد سواء كما أن نسبة مساهمة الطاقات المتجددة في إجمالي استهلاك الكهرباء بالمغرب وصلت اليوم إلى نحو 37%، مع توقعات بأن تتجاوز 52% بحلول عام 2030.
محطة نور للطاقة الشمسية في ورزازات تعد واحدة من أكبر المشاريع الشمسية في العالم، حيث تمتد على مساحة 30 كيلومترا مربعا وتنتج حوالي 580 ميغاواط من الكهرباء، ما يساهم بشكل كبير في تلبية احتياجات المغرب من الطاقة النظيفة وتقليل الانبعاثات الكربونية. ويعمل المغرب أيضًا على توسيع هذه المحطة لزيادة الطاقة المنتجة بما يتناسب مع الطلب المتزايد على الكهرباء النظيفة. كما يهدف مشروع نقل الكهرباء من الداخلة إلى الدار البيضاء إلى نقل الكهرباء المنتجة من مصادر الطاقة المتجددة في الأقاليم الجنوبية إلى شمال المملكة بقدرة تصل إلى 3000 ميغاواط، ما يعزز الربط الكهربائي الداخلي ويزيد الاعتماد على الطاقة النظيفة.
أطلق المغرب أيضًا مشروعًا لتخزين الطاقة باستثمار قدره 450 مليون دولار، يهدف إلى تعزيز مرونة المنظومة الكهربائية وضمان الأمن الطاقي، حيث يتيح هذا المشروع استيعاب حوالي 690 جيجاواط/ساعة من الطاقة سنويًا، مع القدرة على إعادة ضخ حوالي 550 جيجاواط/ساعة في الشبكة عند الحاجة بالإضافة إلى ذلك، يعمل المغرب على إدخال تقنيات الشبكات الذكية (Smart Grid) لتوزيع الكهرباء بكفاءة أكبر، وتحسين مراقبة الإنتاج والاستهلاك في الوقت الفعلي، ما يرفع من كفاءة الشبكة ويقلل من الهدر.
تساهم مشاريع الطاقة المتجددة أيضا في دفع عجلة الاقتصاد المحلي، حيث تخلق آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة في مجالات البناء والتشغيل والصيانة، كما تقلل من فاتورة استيراد الوقود الأحفوري، وتتيح استثمارا أجنبيا مباشرا في مشاريع مبتكرة ومستدامة
تشمل المشاريع المستقبلية المخطط لها إنتاج الهيدروجين الأخضر وتوسيع محطات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في مناطق متعددة بالمملكة، بما يرفع من الطاقة المنتجة ويضمن أمنا طاقيا طويل الأمد.
تستند هذه الجهود إلى رؤية واضحة لتعزيز دور المغرب كمركز إقليمي للطاقة النظيفة، مع تشجيع الاستثمارات الأجنبية والمحلية في مشاريع مبتكرة. من خلال هذه المشاريع الكبرى والسياسات الطاقية المدروسة، أصبح المغرب نموذجا يحتذى به في إفريقيا والعالم العربي في مجال الطاقات المتجددة والأمن الطاقي، مما يعزز مكانته الاقتصادية ويجذب المستثمرين الباحثين عن فرص مستدامة ومربحة في قطاع الطاقة النظيفة