تمغربيت:
في عام 1950، كان المغرب تحت الحماية الفرنسية منذ 38 سنة، وكان الشعب المغربي يعاني من التهميش والظلم والقمع. حينذاك كان السلطان محمد الخامس، الذي تولى العرش في عام 1927، يدرك أن المغرب لا يستطيع أن يستمر في هذا الوضع، وأنه يجب أن ينضم إلى صفوف الدول المستقلة والحرة. لذلك، بدأ في ممارسة ضغوط سياسية ودبلوماسية على الحكومة الفرنسية لإقناعها بالتفاوض على استقلال المغرب.
زيارة محمد الخامس لفرنسا
وفي 11 أكتوبر 1950، قام السلطان محمد الخامس بزيارة إلى فرنسا في رحلة رسمية، كانت لها أهمية كبيرة في تاريخ المغرب، إذ قدم السلطان خلالها مذكرة إلى الحكومة الفرنسية يطالب فيها ويكرر رغبته ببدء عملية مفاوضات حول الاستقلال المغربي.
كان مضمون المذكرة واضحا، يشير إلى حق المغرب في الاستقلال واستعادة سيادته. و تعبيرًا عن إرادة المملكة في التحرر من الاستعمار الفرنسي واستعادة سيادتها.
المذكرة التي سلمها السلطان إلى رئيس الوزراء رينيه بليفين، كان يطالب فيها:
أولا: بإجراء حوار بناء بين المغرب وفرنسا .. واعتراف فرنسا بسيادة المغرب على أراضيه
ثانيا: إقامة نظام دستوري ديمقراطي في المغرب.. وتشكيل حكومة مغربية منتخبة
ثالثا: إعطاء المغاربة حقوقهم السياسية والاجتماعية والثقافية.. وانسحاب القوات الفرنسية من البلاد
كما أكد على رغبته في تحقيق وحدة المغرب الترابية، التي كانت مشتتة بين منطقتين تحت الحماية الفرنسية والإسبانية، ومدينة طنجة التي كانت تحت نظام دولي.
طبعا، أثارت هذه المذكرة غضب السلطات الفرنسية، التي رفضت الاستجابة لمطالب السلطان، بحجة أن المغرب لم يكن مستعدًا للاستقلال، معتبرة هذا المطلب بمثابة محاولة لزعزعة استقرار المغرب والعلاقات الفرنسية-المغربية، وتحدٍ لسيادتها على المغرب..
المذكرة تقطع شعرة معاوية بين فرنسا ومحمد الخامس
في الأخير، أدى الأمر إلى تفاقم التوتر بين المغرب وفرنسا.. إلى أن انتهى بنفي السلطان محمد الخامس إلى جزيرة كورسيكا في عام 1953.
وقد أدى رفض فرنسا لمطالب السلطان إلى تصاعد الاحتجاجات الشعبية في المغرب. وسرعان ما اندلعت ثورة التحرير الوطني، التي استمرت حتى عام 1956، وإعلان استقلال المغرب.
لقد شكلت زيارة المغفور له بإذن الله السلطان محمد الخامس إلى فرنسا، وتقديم مذكرة المطالبة بالاستقلال منعطفا تاريخيا: شكل بداية النهاية للاحتلال الفرنسي للمغرب.. ثم كان نفي السلطان محمد الخامس بعدها، حدثاً حاسماً في نضال المغرب من أجل استقلاله. أدى إلى اندلاع ثورة شعبية عارمة في البلاد، مما أجبر فرنسا على الاعتراف باستقلال المغرب في عام 1956.