تمغربيت:
مقال جميل ومهم للصحفي اللبناني خير الله خير الله في “العرب اللندنية” تحت عنوان: “أفلس أعداء المغرب في أفريقيا واكتشف الأفارقة من هو معهم حقيقة ومن هو معهم بالشعارات من نوع شعار حق تقرير المصير للشعوب. المغرب مع الشعوب الأفريقية بالفعل ولا يبيعها كلاما.” اقتطفنا منه ما يلي:
إشراك المغرب في الملف الايبيري ليس صدفة
لم يكن وقوع الاختيار على المغرب وإسبانيا والبرتغال لاستضافة كأس العالم لكرة القدم في سنة 2030 عن طريق الصدفة. لا يحدث تطور في هذا المستوى في العالم لو لم تكن هناك أسباب وجيهة وقواعد ثابتة تبرّره.
جاء فوز المغرب بهذا الشرف اعترافا بما حققته المملكة في السنوات الماضية على صعيد شبكة العلاقات التي استطاعت نسجها في أربعة فضاءات: الفضاء الأوروبي، الفضاء الأفريقي، الفضاء العربي، الفضاء الدولي. والأهمّ من ذلك كلّه التطور على الصعيد الداخلي المغربي، وهو تطور يقف خلفه الملك محمّد السادس.. الحاضر دائما في كلّ ما له علاقة من قريب أو بعيد بهموم البلد بصغيرها وكبيرها.
لا يتخذ الاتحاد الدولي لكرة القدم قرارا في حجم إشراك المغرب، في استضافة كأس العالم.. لو لم يكن متأكدا من وجود تجربة ناجحة.. تسمح بالذهاب إلى النهاية في الوثوق بالمملكة. فقبل تحديد من سينظم كأس العالم في 2030، كانت هناك أحداث تبدو ظاهرا غير مهمّة في حال تجريدها من سياق معيّن تندرج فيه. من بين هذه الأحداث، التي تندرج في هذا السياق، إعلان الاتحاد الأفريقي لكرة القدم من القاهرة وقوع الاختيار على المغرب لاستضافة كأس أمم أفريقيا لكرة القدم في السنة 2025.
فوز المملكة الشريفة بتنظيم كأس أفريقيا
فاز المغرب بشرف استضافة كأس أمم أفريقيا بعد انسحاب الجزائر، عشية التصويت وزامبيا إضافة إلى عرض مشترك من بنين ونيجيريا. وصوتت اللجنة التنفيذية للاتحاد الأفريقي التي اجتمعت في القاهرة لمصلحة المغرب في حين كانت الجزائر تعتقد أن فوزها بتنظيم كأس الأمم الأفريقية في الجيب.
لقد بات المغرب جزءا لا يتجزّأ من الفضاء الأوروبي. إسبانيا والبرتغال على خطوتين منه. إلى ذلك، لم يعد بعيدا اليوم الذي يصير فيه جسر، فوق الماء أو تحته، يربط بين المغرب وإسبانيا. الأهمّ من ذلك كلّه أن البنية التحتية في المغرب تجعل من ينتقل من إسبانيا إليه لا يجد فارقا يذكر بين بلدين أحدهما في أوروبا والآخر في أفريقيا. من هذا المنطلق، كانت طبيعية مشاركة إسبانيا والبرتغال المغرب في استضافة كأس العالم في 2030.
المملكة المغربية وزن كبير في القارة السمراء
بات المغرب أيضا لاعبا أساسيا في الفضاء الأفريقي. القارة السمراء تستضيف، عبر المغرب كأس العالم للمرّة الثانية. كانت المرّة الأولى في جنوب أفريقيا. يمثّل المغرب بوابة أوروبا إلى أفريقيا. لم يعد من يناقش في ذلك، خصوصا بعدما استطاع المغرب إقامة علاقات وثيقة تقوم على مصالح مشتركة مع معظم الدول الأفريقية. أفلس أعداء المغرب في أفريقيا.
اكتشف الأفارقة من هو معهم حقيقة ومن هو معهم بالشعارات، من نوع شعار حق تقرير المصير للشعوب. المغرب مع الشعوب الأفريقية بالفعل ولا يبيعها كلاما. أثبتت ذلك الزيارات المتكررة للدول الأفريقية التي قام بها محمّد السادس الذي عرف كيف يضع إمكانات المغرب في خدمة الدول الأفريقيّة. شمل ذلك الخدمات الطبية والتعليم ونشر الإسلام المعتدل، كما شمل بناء مصانع تنتج الأسمدة التي تحتاجها الزراعة. هذه أسمدة يعود الفضل في إنتاجها إلى الفوسفات المغربي. باختصار شديد، باتت هناك مصالح مشتركة تربط بين المغرب وأفريقيا منذ عودته إلى الاتحاد الأفريقي في تموز – يوليو 2016 إثر توجيه محمّد السادس رسالة في هذا الصدد إلى الاتحاد في قمة كيغالي.
أن يذهب تنظيم كأس العالم في 2030 إلى المغرب، هو في الوقت ذاته انتصار للبلد المقيم في فضائه العربي. باتت هناك ثقة دولية ببلد عربي يستطيع تنظيم حدث من هذا النوع. لم يتخل المغرب يوما عن قضايا العرب، بما في ذلك قضية الشعب الفلسطيني وقضية القدس. لكنّه اعتمد دائما العقلانية وحاول في كلّ وقت إدخال بعض من هذه العقلانية العقول العربية التي كانت ولا تزال ضحية الشعارات والمزايدات والأوهام.
المغرب نحو العالمية
يبقى الفضاء الدولي الذي يتحرّك فيه المغرب. سمح هذا الفضاء بعقد المؤتمر السنوي لصندوق النقد والبنك الدولي في مراكش. تستضيف المدينة التي تمتلك جاذبية استثنائية هذا المؤتمر. لا غرفة شاغرة فيها. لم يتردد لي جونهوا وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الاقتصادية والاجتماعية في القول إن الاجتماعات السنوية للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي تشكل مناسبة لتسليط الضوء على التنوع “الهائل” والدينامية والإمكانات الاقتصادية التي يزخر بها المغرب وأفريقيا. أشاد المسؤول الدولي بالريادة التي أبان عنها المغرب والبلدان النامية، بهدف “تحويل” المنظومة الاقتصادية والمالية نحو الأفضل.
حصل المغرب على ثقة أوروبية وأفريقية وعربية ودولية مكنته من المشاركة بسهولة مع إسبانيا والبرتغال في استضافة كأس العالم. لم يكن ذلك ممكنا لولا الفضاءات الأربعة التي ينتمي إليها هذا البلد الذي يعتمد سياسة ثابتة وواضحة في الوقت ذاته. سياسة تقوم على الدفاع عن مصالحه ورفض الإساءة إلى مصالح غيره. كرس ذلك عندما استطاع الدفاع عن مغربية الصحراء ونقلها إلى شاطئ الأمان والوقوف في وجه كلّ من يحاول المس بوحدته الترابية تحت شعارات أقل ما يمكن أن توصف به أنّها كاذبة وباطلة…