تمغربيت:
تتجلى المواقف الفرنسية المتناقضة أحيانا والعنصرية أحيانا أخرى والشريرة أيضا في أحيان كثيرة.. وينعكس ذلك عبر إعلامها القوي وصحافتها المنتشرة بقوة عبر العالم، بكل اتجاهاتها.. من اليمين واليسار والوسط والخضر والمستقلين إلخ ..
إعلام تسلطه فرنسا كالسوط على خصومها أو أعدائها ومنافسيها.. كما تحجبه عن مناولة مواضيع محرجة أو فاضحة، لأحبابها وعبيدها المؤتمرين بأوامرها..
وقد وجدت الصحافة الفرنسية في مقولات “قيم الجمهورية” و”قيم الثورة الفرنسية” و”مبادئ مساواة، أخوة، حرية” جسرا وقنطرة.. تَعبُر من خلالها للتعبير عن تدخلاتها في الشؤون الداخلية للدول.. كما تجعله مطية للتعبير عن تبريراتها حيال ما يجري في الداخل الفرنسي من تجاوزات حقوقية، أو داخل دول إفريقيا والعالم.
فهذا الإعلام، الذي قبل سنوات وقبل أسابيع، كان يبرر التدخل العنيف للشرطة الفرنسية ضد مواطنين فرنسيين من أصول مغاربية أو أوربية شرقية أو لاتينية.. الأمر الذي انتقدته جل الدول الغربية عبر إعلامها.. نفس هذا الإعلام أيضا، الذي يغض الطرف عن عشرات الاعتقالات لمسؤولين وصحفيين وأصحاب الرأي بالجزائر.. كما غضت الطرف عن مجازر العسكر الجزائري من قبل فيما يسمى ب”العشرية السوداء”.. هذا الإعلام أيضا هو نفسه الذي يساند الأنظمة الفاسدة لأنها توفر لفرنسا الأرضية لنهب ثروات الغاز بأثمان تفضيلية واليورانيوم والذهب والخشب والحديد ووو.
هذا الإعلام هو من يعطي دروسا لإفريقيا حاليا في مبادئ “حقوق الإنسان” و”الديمقراطية” و”السلم والأمن والاستقرار” و”المساواة”.. لأن الجيل الجديد في إفريقيا (اتفقنا معه أو لم نتفق) طردها وطرد أزلامها، في محاولاته لنيل استقلال جديد حقيقي وتام، بعيدا عن فرنسا كمستعمر قديم/جديد..
فهل فعلا يتباكى هذا الإعلام المُمَوَّل والمُوَجَّه من طرف مؤسسات وأحزاب الدولة الفرنسية.. بل والممول حتى من خارج الدولة مثلما تم فضحه في قضايا تمويل القذافي لهذا الإعلام وانتخابات فرنسية سابقة.. أو التمويل المفضوح له من طرف الجزائر، إلخ ..؟
إن ما حصل من انفلات وعنف أمني في الداخل الفرنسي منذ احتجاجات “الجيليات الصفر” إلى آخر احتجاجات “نايل”.. وما حصل في الخارج من نهب لثروات إفريقيا.. وتماهي الإعلام الفرنسي لتبرير كل هذا وذاك.. يجعل من فرنسا وإعلامها هذا، آخر من يمكنه إعطاء دروس أو الكلام عن مبادي حقوق الإنسان والديمقراطية والمساواة ووو
فلا مجال لتصديق هذا الإعلام حين يتباكى على القيم الكونية بهذا البلد أو ذاك سواء بالنيجر أو بوركينا فاسو أو مالي أو المغرب أو أي بلد إفريقي.. لأننا على يقين أنه يتباكى على صفقات المشاريع الكبرى التي ستفلت من يد فرنسا بالمغرب، واليورانيوم الذي ستفقده من النيجر.. واحتياطي الذهب الذي يأتيها بطرق ملتوية من مالي، والحديد الذي يأتيها بثمن بخس من موريتانيا، والنفط والغاز الذي يأتيها من الجزائر والسنغال بأثمان تفضيلية.. والخشب الذي يأتيها من الغابون بأرخص الأثمان.. و”الكولتان” الذي تنهبه من الكونغو.. والكاكاو الذي يأتيها من ساحل العاج باستغلال الفلاحين شر استغلال..
أساليب هذا الإعلام الوقح انفضحت.. وتمويلاته الداخلية والخارجية أصبحت حديث وتقارير للصحافة البريطانية والأمريكية والإيطالية وغيرها.. فلم يعد له هامش كافي للمناورات البئيسة.