تمغربيت
في مثل هذا اليوم: 10 غشت من عام 1909م، ولد السلطان محمد الخامس بن يوسف.. وكان أمر توليه الحكم وتربعه على العرش غريب، كما كان الحال أيضا بالنسبة لأبيه يوسف ابن الحسن الأول..
بالنسبة للسلطان مولاي يوسف، فقد كان واحدا من عدد كبير من أبناء المولى الحسن الأول الذي تولى العرش من 1873م إلى عام 1894م. ولم يكن طبعا ضمن الدائرة الضيقة لورثة العرش.. فالصراع كان محتدما ومنحصرا بين كل من مولاي عبد العزيز ومولاي عبد الحفيظ.. أما مولاي يوسف فقد كان بعيدا متجنبا هذه النزاعات حول العرش. بل ابتعد عن القصر، فكان يعيش بمنزل عادي بالمدينة العتيقة بالرباط ، مثله مثل “يا أيها الناس”.
طبعا في هذه الفترة، لم تكن مؤسسة ولاية العهد تحظى بكثير اهتمام.. ذلك أن الأمير المختار أو المرشح لهذه الولاية لم يكن دائما معروفا، ولم يكن الملوك مضطرين للإعلان عن ولي عهدهم ووارث عرشهم.. كما لم يكن ولي العهد هو الابن والأمير الأكبر بالضرورة..
فترة الانتداب..
وعندما دخل المغرب فترة الانتداب والحماية الفرنسية، اضطر مولاي عبد الحفيظ للتنحي عن العرش.. ونودي بمولاي يوسف عام 1912، للانتقال والعيش بالقصر الملكي والمشور السعيد.. وتولي الحكم والتربع على العرش.
نفس الأمر الغريب سيقع للأمير سيدي محمد، إذ لم يكن هو الآخر ضمن الدائرة الضيقة لورثة العرش، فقد كان رابع الأبناء من حيث الترتيب.. وكما لم يكن متوقعا، وعلى إثر وفاة السلطان مولاي يوسف عام 1927م.. تم اختيار الأمير سيدي محمد للجلوس على العرش.. مع تواجد ثلاث أمراء قبله وأكبر منه..
توضيح لابد منه
في هذا السياق، لا بد أن نعرج على مسألة ولاية العهد ،التي قرر فيها السلطان محمد الخامس أمرا جديدا لم يسبقه إليه أسلافه العلويون.. من أجل أن تشكل ولاية العهد، استمرارا سلسا للحكم والعرش عوض أن تكون سببا في التناحر بين الأمراء أو الإخوة.
فبتاريخ: 9 يوليوز من عام 1957م، وبمناسبة عيد ميلاد الأمير مولاي الحسن الثامن والعشرون (28)، (ولد الراحل الحسن الثاني في 9 يوليوز 1929).. قام الراحل محمد الخامس بإلقاء خطاب للأمة يزف فيه خبر اختياره لابنه الأمير مولاي الحسن “وليا للعهد “.. وهذا القرار، يعد بمثابة قطيعة قام بها المغفور له بإذن ربِّه محمد الخامس مع تقاليد من سبقوه.
السلطان محمد الخامس سيدعم الحركة الوطنية ابتداء من النصف الثاني من الأربعينيات، فكان بداية صراع استمر سنوات بينه وبين الإقامة العامة الفرنسية.. والتي ستقرر نفيه مع ابنه الأمير مولاي الحسن إلى مدغشقر سنة 1953م. لتبدأ شرارة مقاومة عارمة عمت جميع ربوع المملكة الشريفة.. فلم تلبث فرنسا سنتين، حتى أُرغِمَت من طرف الشعب المغربي والحركة الوطنية على إرجاعه سلطانا وملكا وأميرا للمؤمنين على المملكة الشريفة عام 1955م.
يعتبر الملك محمد الخامس “أب الاستقلال”.. وقد توفي رحمه الله شهر رمضان/فبراير 1961م.