تمغربيت:
أينما حلت فرنسا في دولة من دول إفريقيا جنوب الصحراء بقواعدها العسكرية وطباعة عملاتها النقدية واستغلال مناجمها ووو.. إلا وحل الفقر وتوالت الأزمات، رغم ما تتوفر عليه تلك الدول من معادن ثمينة.. وبالتالي نحن أمام “تفقير” فرنسا لتلك الدول وليس فقرا يلازمها.. وهو ما دفع بالنخبة العسكرية في إفريقيا إلى الانقلاب على فرنسا.
في هذا السياق، لا عجب أن يتم انقلاب الشباب السياسي والعسكري الإفريقي الصاعد الذي يمتاز بوعي جديد وثقافة وتعليم، على وضد، فرنسا وأزلامها من حكومات ورؤساء.. هذا الشباب ينتهج أسلوب الانقلاب غالبا. وفي كل الحالات يتم طرد القوات العسكرية الفرنسية ثم تغيير الاتجاه نحو المحور الأنكلوساكسونيا.. وقع هذا في رواندا ثم في مالي وفي بوركينافاسو.. ونشهد حاليا مثله في النيجر.. والحبل على الجرار..
في هذا السياق، توصف النيجر، بغباء، بالبلد الفقير، مع أن كل صحافة العالم تتكلم، بغباء أيضا، عن امتلاك هذا البلد لليورانيوم ووو.. وهو ما يؤكد ما قلناه سالفا ؛ فأينما توجد فرنسا جنوب الصحراء، إلا ووجد الفقر.. وبالتالي من الطبيعي أن ينتج عن هذا الوضع ما بعد الاستقلال هزات سياسية تُتَرجم بانقلابات عن الوضع القائم من أجل تحقيق استقلال “حقيقي” ربما يتحقق وربما لا.
فحينما يهدد ماكرون بإيقاف المساعدات للنيجر وبوركينافاسو أيضا ووو، كرد فعل على بلد انقلب على فرنسا ومن كان يحكم البلاد حسب توجيهات فرنسا.. فهو يهدد بلدا، في حقيقة الأمر، لا يريد سوى وقف نهب فرنسا لثرواته.. فالنيجر ورواندا ومالي وبوركينافاسو وغيرها من الدول الإفريقية، إن تُركت لنفسها دون تدخل الاستعمار الجديد.. ستستغني بالتأكيد عن المساعدات بل ستبني لنفسها اقتصادا وقوة اقتصادية تغنيها عن الصدقات الملغومة.. فإفريقيا كما قال جلالة الملك “تحتاج إلى بناء شراكات مع الدول العظمى أساسها العمل تحت قاعدة رابح رابح، لا إلى صدقات ومساعدات”. وهو ما أكد عليه السيد أخنوش أمام بوين في القمة الروسية الإفريقية مؤخرا..
إن معاداة فرنسا الاستعمارية من طرف شعوب إفريقيا أصبح عنوانا لهذه الأجيال الشابة الجديدة، الواعية، المثقفة والمتعلمة.. كما أن طرد فرنسا من إفريقيا أصبح ضرورة وجودية كما تراه طلائع المثقفين والعسكريين وشعوب جنوب الصحراء.. وبالتالي سنشهد قريبا أو آجلا، انهيار فرنسا الاستعمارية، التي أصبحت غنية وقوة دولية، بسبب نهب ثروات القارة السمراء.