تمغربيت:
دفاعا عن الأشعرية.. السلفية والإمام النووي
أثير مؤخرا نقاش ارتبط منذ بداياته الأولى بفرقة عقدية تحتكر “النجاة”، وبالتالي التأويل الديني لمصلحة ما؛ لا تتحرر هذه الفرقة من مصلحةٍ في خطابها إلا لتخدمها في واقعٍ سياسي بعينه. النقاش المثار له علاقة بأشعرية الإمام النووي و”الموقف السلفي” منها، وقد أثار ردود فعل متباينة بين:
– سلفيين طعنوا في سنيته: لأنه أشعري، والأشعرية في نظرهم ليست فرقة سنية، بل خارجة عن “الجماعة”.. تنفي عن الله ما يثبته لنفسه وتتأول فيه بأهوائها وأغراضها، وتقترب من موقف الاعتزال في كثير من مسائل العقيدة وغيره مما لا تمل من تكراره بعض الألسن السلفية التي لم يسبق لأصحابها أن اختبروا عقولهم في علم الكلام.
– وسلفيين دافعوا عن الإمام النووي: بمنطق تقليل الخلاف بين المسلمين.. وتوحيد الجبهة ضد “العلمانية والحداثيين”، بتعبير أصحاب هذا الرأي.
– وآخرين غير خاضعين لهذا التقسيم؛ إما دافعوا عن الإمام النووي كعالم بغض النظر عن منهجه في الاعتقاد.. وإما كمتكلم أشعري تمَس الأشعرية بالطعن في سنيته.
خلف هذه المواقف مساحات شاسعة من الإيديولوجيات والأنظار التي يجب كشفها، حتى يُعرَف بأي منطق يجب الدفاع عن الأشعرية.. هل بمنطق محدود بحدود زمن ومكان خاصين، وخاضع لأفق وطني سمته تكاثف عناصر الهوية في هوية مخصوصة؟ أم بمنطق يأبى الحدود الثقافية والإيديولوجية الوطنية، ويبحث له عن حدود أكثر بعدا؟
الأشعرية.. اختيار مغربي
الإمام النووي رمز للإسلام، وهذا أساسُ شرعيةٍ (من أسسٍ وليس وحده). والإمام النووي أشعري العقيدة، وهذه “اختيار مغربي” في التدين. الإمام النووي سني، بالطعن في سنيته يتسرب التشكيك إلى سنية الأشعرية (عقيدة الدولة). الإمام النووي تراث.. وهذا يعاد إنتاجه لأغراض سياسية/ اجتماعية ضرورية وملحة. الإمام النووي عقلاني التفكير في الدين، عقلانيته مطلوبة ولو بعد حين.
ماذا يهمنا من الإمام النووي، ماذا يهمنا منه في هذه المرحلة بالذات؟ إسلاميته، أشعريته، سنيته، تراثيته، وعقلانيته.. الذين تكلموا في غير هذا المنحى هم خارج “الإشكالية المغربية”، أي خارج المطلوب اليوم ومستقبلا.