تمغربيت:
الصحراء المغربية وانتصار “الاعتراف”
عندما اعترفت أمريكا بمغربية الصحراء شكك بعض المتابعين في أهمية هذا الاعتراف، وكانت لهم في ذلك ثلاث ذرائع:
الصحراء حق مغربي
– أن الصحراء حق مغربي ولا تحتاج إلى اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية.. ولا يعلم هؤلاء أن الاعتراف لا يعبر عن مبدأ أمريكي أو تفضل من الإدارة الأمريكية على المغاربة.. وإنما هي قراءة خاصة بطرف داخل الولايات المتحدة الأمريكية، يرى مصلحة “العم سام” في إنهاء ملفات النزاع في عدد من مناطق العالم.. ومنها النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية. ويرى ذات الطرف أيضا أن العالم مقبل على نظام جديد يجب أن تتموقع فيه أمريكا بشكل جديد، وضمن شبكة من العلاقات الجديدة مع عدد من الدول في العالم، بما فيها المغرب.
الاعتراف الأمريكي قرار دولة
– وأن القرار خاص بترامب وغير ملزم لأي إدارة أخرى.. وفي هذا جهل بالتناقض القائم أمريكيا، وأن ترامب لا يعبر عن نفسه، وإنما عن الرأسمال المدني داخل و-م-أ؛ وفي هذه الذريعة الثانية، أيضا، جهل بالمرحلة التي بلغها التناقض الأمريكي.. حيث ينحسر الطرف النقيض لترامب (الراسمال الصناعي العسكري) بوتيرة أسرع من ذي قبل، وينهزم في أكثر من ملف (سوريا، تركيا؛ مثلا)، وربما يلعب أوراقه الأخيرة في ظل صعود ونفوذ قوى جديدة كالصين وروسيا. تصب هذه التحولات في مصلحة القضية الوطنية، وتعزز مسار الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، لأن المستقبل في أمريكا للمعترفين.
هرطقة تراجع الموقف الأمريكي
– وأن الاعتراف لا يضيف شيئا في الميدان قد يتراجع عنه الأمريكي في أي وقت؛ ويشير أصحاب هذا القول في معرض حديثهم إلى تأخير إقامة قنصلية أمريكية في الداخلة.. ما يدل على أن أمريكا أصبحت قاب قوسين أو أدنى من سحب اعترافها في نظرهم. يتحدثون وكأن الاعتراف وسحبه بلا ثمن، وكأن الدولة المغربية لا أوراق لها في هذه التسوية.. وكأن التفاوض على طاولة الاعتراف كالتفاوض على طاولة صِفرية؛ في حين أن المغرب نجح في الحفاظ على الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، بلعب عدد من الأوراق لعل أبرزها “موقفه من الحرب الروسية الأوكرانية”. وقد تكون هناك أوراق أخرى لا نعلمها، لعبها المغرب لثني الإدراة الأمريكية الجديدة عن اتخاذ قرار لا يخدمه في صحرائه.
الاعتراف لا يعني الخلود للنوم، وإنما هي معركة مستمرة لحفظ المكتسب أولا، ثم تعزيزه ثانيا. وإن الدولة المغربية تخوض، في الأروقة الدولية وفي علاقتها بغيرها من دول العالم، معارك شتى.. وتصمد أمام ضغوط شتى للحفاظ على مكتسب الاعتراف الأمريكي. وبحفاظها عليه إلى حين الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة تكون قد تجاوزت عقبة كبيرة، أما بصعود ترامب من جديد فإن ملف الصحراء المغربية سيحسم نهائيا لفائدة المغرب، أو لعله سيعرف على الأقل نقلة كبيرة وغير مسبوقة!