تمغربيت:
بشرى للجالية المغربية بخصوص التبادل الآلي للمعلومات
سبق ل “تمغربيت” أن تطرقت لموضوع ذو أهمية بالغة بالنسبة للجالية المغربية بالخارج.. والمتعلق بالتبادل الآلي للمعلومات المتعلقة بالحسابات المالية (مثل تبادل المعلومات البنكية وربما حتى العقارية بين الدولة المغربية والدول الأوربية بخصوص ممتلكات الجالية المغربية).
مخاوف وتساؤلات عند الجالية
موضوع أثار مخاوف شديدة لدى الجالية المغربية، والتي دعت البرلمان المغربي إلى عدم المصادقة على مثل هذا القانون المجحف.. ورفعت مظلمتها إلى جلالة الملك بالتدخل لإنصافها. على اعتبار أن هذا القانون إذا طبق بالشكل الذي تطالب به دول أوربا، فسيمكن من رفع السرية عن أموال وعقارات واستثمارات الجالية داخل المغرب (وهو حق من حقوق الجالية المغربية).. وبالتالي سيمكن هاته الدول من استخلاص ضرائب على الجالية عن أي أملاك لأفرادها بالمغرب، فضلا عن استخلاص الضرائب الواجبة منها بالدول الأوربية.. أي مضاعفة استخلاص الضرائب من هذه الجالية داخل وخارج أوربا..
اتفاق متعدد الأطراف لكن الجالية هي أولى الضحايا
ويتعلق الأمر بالتوقيع على اتفاق متعدد الأطراف بين السلطات المختصة في شأن التبادل الآلي للمعلومات المتعلقة بالحسابات المالية، (25 يونيو 2019).. كما يتعلق أيضا بقرار سقطت فيه حكومة سعد الدين العثماني، سنة 2019.. بإحالتها لمشروع قانون رقم 77.19 المتعلق بالتبادل الآلي للمعلومات المتعلقة بالحسابات المالية على مجلس النواب.
هذا الاتفاق وهذا القرار بالشكل الذي تريده الدول الأوربية، يمكن أن يخلق مشاكل كبيرة لأفراد الجالية؛ بحيث سيجدون أنفسهم مضطرين دون سابق إعلام لدفع أموال طائلة كغرامات ضريبية غير مفهومة، ليس للدولة المغربية حيث تتواجد أموالهم وعقاراتهم واستثماراتهم، بل لدولة أوربية.. كما أن هذا الاتفاق يخول لدول أوربية استخلاص الضرائب على الجالية المغربية داخل أوربا وأيضا بالمغرب أي خارج أوربا.. بالإضافة إلى أن فئة ثانية كانت ستجد نفسها محرومة من الخدمات الاجتماعية داخل أوربا..
البرلمان المغربي يتفاعل مع مخاوف الجالية
مطالب الجالية التي رفعت للبرلمان، اهتمت بها لجنة الخارجية بمجلس النواب، فقرأتها وفهمتها بل واستوعبتها جيدا.. ويظهر ذلك جليا من خلال متابعة أطوار أخر جلسة برلمانية.. حيث التمست هذه الأخيرة من الحكومة عدم المصادقة على هذه الاتفاقيات، المرتبطة بالتبادل الآلي للمعلومات المتعلقة بالحسابات المالية.
في هذا السياق كان تدخل وزير الخارجية السيد ناصر بوريطة واضحا بخصوص هذه النقطة وموضوعيا في طرحه من جميع زوايا النظر.. سواء التي تتعلق بوجهة النظر الأوربية أو بزوايا المخاوف المرتبطة بالجالية المغربية.. وهذا ما جاء في نص مداخلة وزير الخارجية الذي قال “إن المغرب بقدر ما هو منخرط في المجهود الدولي لمحاربة التهرب الضريبي وتمويل الإرهاب وغسيل الأموال.. فإنه كذلك لا يمكنه أن يسير في أي اتجاه من شأنه المساس بحقوق الجالية المغربية المقيمة في الخارج والتي تحظى بمكانة خاصة لدى جلالة الملك”.
فوزي لقجع.. مصالح الجالية خط أحمر
ومن جانبه أيضا، رحب السيد فوزي لقجع، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية بالقرار.. بنفس الصرامة والموضوعية :”سنفتح باب التفاوض حتى نرفع كل لبس ولتفادي أي تأويل في القراءات المتعلقة بالتبادل الآلي للمعلومات المالية”.. وأضاف: ”نحن متفقون أن المملكة منخرطة في التصدي لعمليات تمويل الإرهاب وتبييض الأموال دون تردد”.. قبل أن يستدرك ”ولكن المصالح المادية والمعنوية للجالية المغربية لن تمس لا من قريب أو بعيد لأن هذه الاتفاقية غير متربط بذلك”.
انطلاقا من هذه التصريحات، تكون الحكومة المغربية (أغلبية ومعارضة دون مزايدات) قد أزالت الغشاوة والهواجس التي سادت وسط مغاربة العالم وأرست الطمأنينة مكانها.. على إثر إحالة اتفاقية التبادل الآلي للمعلومات المالية، خوفا على ممتلكاتهم وأرصدتهم بالمملكة، بالإضافة إلى العواقب القانونية التي تهددهم.
في السياق ذاته وعقب الجلسة البرلمانية، خلص السيد بوريطة إلى القول إن الحكومة تجاوبت بشكل إيجابي مع إرجاء البث في هاتين الاتفاقيتين وتدقيقهما أو العودة للتفاوض بشأنهما. وهو ما يجعلنا نثمن هذا القرار الذي انتصر للجالية المغربية في الخارج واحترم التزامات المملكة في مواجهة جرائم غسيل الأموال وشبهات تمويل الإرهاب.