تمغربيت:
يجب قراءة الزيارتين الأخيرتين للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون لكل من روسيا والصين من جميع الجوانب.. من خلال استحضار التحولات الجيوسياسية التي يعرفها العالم، والتي يبدو أن الجزائر تضعها في حسبانها!
ومهما أثارته التصريحات الصادرة عن الرئيس الجزائري أمام نظيره الروسي فلاديمير بوتين من ردود فعل ساخرة.. ومن جدل بخصوص العلاقة بين موسكو والجزائر؛ إلا أنها تعكس منعطفا في السياسة الخارجية الجزائرية، وهو المنعطف الذي سيعدّل على الأرجح من موقف النظام الجزائري من قضية الصحراء المغربية.
التحالف إلى حدود بعيدة مع روسيا من شأنه أن يحرر الموقف الجزائري من الضغط والتحكم الفرنسي.. كما من شأنه أن يؤثر في هذا الموقف بخصوص قضية الصحراء المغربية. روسيا ليست الاتحاد السوفياتي، اتخذت لهجتها الدبلوماسية مسارا جديدا بخصوص ملف الصحراء المغربية، خاصة في ظل تحسن علاقاتها مع المغرب. وفي ظل انضواء الجزائر في القطب الروسي، من المحتمل جدّا أن تنخرط في المخطط الأوراسي الذي لا يفصل المغرب عن صحرائه.. بل ينظر إلى المغرب كدولة استراتيجية في المنطقة الأورو-إفريقية.
زيارة تبون للصين لن تغير من الواقع شيئا
نفس الأمر يمكن استصحابه عند الحديث عن زيارة الرئيس الجزائري تبون للصين.. ولقائه بنظيره الصيني شي جين بينغ. فالصين أيضا خرجت من دائرة الحياد السلبي بخصوص قضية الصحراء المغربية، كما ليس من مصلحتها معارضة المغرب في قضيته العادلة، حتى لا تفتح أبواب جهنم على قضية تايوان.
أيضا، فإن الصين تقيم علاقاتها مع الدول على منطق المصالح وقاعدة “رابح-رابح”؛ بل من المحتمل، في ظل التغيرات التي يشهدها العالم.. وفي ظل الوتيرة المتسارعة للتقارب بين المغرب والصين؛ من المحتمل أن تشمل خطة “الحزام والطريق” أقاليم الصحراء المغربية -الداخلة مثلا-في شرط التنافس القائم بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية.
إن لجوء الرئيس الجزائري إلى الصين وروسيا يحمل بين طياته استعدادا للقبول بما يفرضه العالم الجديد على الجزائر. ولكن بأقل الخسائر وتحت يافطة وساطة تحددها المصالح الجيوسياسية للبلدين الوسيطين، روسيا والصين. فما دام الإجماع العالمي على مغربية الصحراء مسألة وقت فحسب، فالأفضل للجزائر أن تنحاز للطرف الذي يضمن لها أقل الخسائر كما سيعينها على التموقع الجيد في نظام متعدد الأقطاب. ولن يكون هذا الطرف لا أمريكا ولا فرنسا في الحالة الجزائرية، بل الصين وروسيا.
علاقة الجزائر بروسيا وفرنسا، والدفع بهذه العلاقة إلى حدود بعيدة، أفضل للمغرب من علاقتها بفرنسا؛ فهذه تعيش على استمرار النزاع، والنزاع ليس في مصلحة لا الصين ولا روسيا.