تمغربيت:
بعد 3 عقود، المغرب يقرر الابتعاد عن تبني الكرسي الفارغ
يشكل تاريخ 18 يوليوز 2016 منعطفا تاريخيا على مستوى الدبلوماسية المغربية. حيث بعث جلالة الملك محمد السادس برسالة سامية إلى القمة 27 للاتحاد الإفريقي المنعقدة بالعاصمة الرواندية كيغالي.. معلنا فيها إرادة المغرب العودة إلى الاتحاد الإفريقي.
وقد سلمت الرسالة الملكية يوم الأحد 17 يوليوز 2016، إلى الرئيس التشادي إدريس ديبي إتنو رئيس الاتحاد الإفريقي آنذاك.. من قبل السيد رشيد الطالبي العلمي، رئيس مجلس النواب المغربي.
المغرب الذي انسحب من منظمة الوحدة الإفريقية سنة 1984 بعد قبول جمهورية تندوف الوهمية.. كعضو في القمة المنعقدة آنذاك إثيوبيا.
المغرب من المؤسسين لمنظمة الوحدة الإفريقية
وتجدر الإشارة إلى أن المغرب كان من طلائع المؤسسين لمنظمة الوحدة الإفريقية في بداية ستينيات القرن الماضي. وهو نفسه المغرب، بعد أكثر من 3 عقود من تبني الكرسي الفارغ، يقرر أخيرا التخلي عن هذا النهج.. والعودة إلى المنظمة الإفريقية، من أجل الدفاع عن مصالحه وملف صحرائه ومصالح إفريقيا، من داخل المنظمة لا من خارجها.
إن التوجه الجديد للدبلوماسية المغربية، يعتبر مدخلا أساسيا لإنهاء العربدة الجزائرية وحلفائها.. وهو ما حصل فعلا منذ التحاق المغرب بالاتحاد عام 2017.. حيث ربط تحالفات اقتصادية وسياسية بدول غرب إفريقيا ودول غرب الأطلسي، كما استطاع كسب اعتراف 30 دولة إفريقية بمغربية الصحراء.
هذا الاعتراف واكبه سحب بعض الدول اعترافها بجمهورية الوهم.. وتم فتح عدد هائل من القنصليات الإفريقية بالعيون والداخلة بالأقاليم الجنوبية. وأصبح المغرب قاب قوسين من طرد جبهة البوليساريو من هذه المنظمة.
العودة طبيعية والقرار ملكي
وقد عبر الملك مرة ثانية على هذا القرار بالعودة للاتحاد الإفريقي من خلال خطابه السنوي بمناسبة عيد العرش في ذكراه 17، مؤكدا ومباركا العودة للأسرة المؤسساتية الإفريقية، و منبها إلى أن هذه العودة لا تعني “.. أبدا تخلي المغرب عن حقوقه المشروعة، أو الاعتراف بكيان وهمي يفتقد لأبسط مقومات السيادة تم إقحامه في منظمة الوحدة الإفريقية، في خرق سافر لميثاقها …”
ومما جاء في هذه الرسالة السامية التي سننشرها كاملة في الجزء الثاني:
“إن المغرب، رغم انسحابه من منظمة الوحدة الإفريقية، فإنه لم يغادر أبدا إفريقيا؛ وإنما انسحب، سنة 1984، في ظروف خاصة، من إطار مؤسساتي قاري.”
“المغرب بلد إفريقي بانتمائه، وسيبقى كذلك. وسنظل نحن المغاربة جميعا في خدمة إفريقيا… وسنكون في المقدمة من أجل كرامة المواطن الإفريقي واحترام قارتنا…”
“إن فرض أمر واقع لا أخلاقي، والانقلاب على الشرعية الدولية، دفع المملكة المغربية، تفاديا للتجزئة والانقسام، إلى اتخاذ قرار مؤلم، يتمثل في الانسحاب من أسرته المؤسسية.” لقد حان الوقت للابتعاد عن التلاعب وتمويل النزعات الانفصالية، والتوقف عن دعم خلافات عفى عليها الزمن، وذلك بالتوجه لتدعيم خيار واحد، هو خيار التنمية البشرية والمستدامة، ومحاربة الفقر وسوء التغذية، والنهوض بصحة شعوبنا، وبتعليم أطفالنا، والرفع من مستوى عيش الجميع.”
” أليس الاتحاد الإفريقي في وضعية تعارض واضح مع الشرعية الدولية؟ فهذا الكيان المزعوم ليس عضوا لا في منظمة الأمم المتحدة، ولا في منظمة التعاون الإسلامي، ولا في جامعة الدول العربية، ولا في أي هيأة أخرى، سواء كانت شبه إقليمية أو إقليمية أو دولية.”
“وفيما يتعلق بقضية الصحراء، فإن إفريقيا المؤسساتية لا يمكنها بعد الآن، أن تتحمل أوزار خطأ تاريخي، وإرث ثقيل. “
” ومن هذا المنطلق، لا يمكن للمغرب أن يظل خارج أسرته المؤسسية، ولا بد له من استعادة مكانه الطبيعي والشرعي داخل الاتحاد الإفريقي، بحيث يمكنه، بفضل تحركه من الداخل، أن يساهم في جعله منظمة أكثر قوة، تعتز بمصداقيتها، بعد تخلصها من مخلفات الزمن البائد”. انتهى كلام الملك محمد السادس