تمغربيت:
معلمة المسجد الكبير بدكار/السنغال.. تجسيد للرباط الروحي بين المغرب والسنغال
تعد معلمة المسجد الكبير بدكار، تجسيدا لعمق الروابط الروحية العريقة بين المملكة المغربية وجمهورية السنغال، والتي تمتد لقرون من الزمن..
وقد كان لنمط التدين بالغرب الإسلامي الذي يمثله نموذج التدين المغربي الوسطي المعتدل، ومن أبرز سماته التصوف السني، الفضل كل الفضل في انتشار الإسلام بالغرب الإفريقي.. وما انتشار الزاوية التيجانية بالسنغال وتعلقها بالمغرب (حيث يحج الآلاف من السنغاليين وغيرهم، سنويا إلى فاس زرهون) وبسلاطين المغرب (الذين يمثلون إمارة المؤمنين)، إلا وجها بارزا من أوجه هذا الرباط الروحي والثقافي والتاريخي والسياسي، الوثيق بين السنغال والمملكة المغربية، وبين الشعب السنغالي والسلطة الروحية بالمملكة الشريفة.
يذكر أنه تم تدشين المسجد الكبير بدكار في 27 مارس 1964 من طرف الملك الراحل الحسن الثاني، بمناسبة زيارة جلالته طيب الله ثراه الى السنغال ،وذلك بمعية الراحل ليوبولد سيدار سنغور ، والخليفة العام للتيجانيين، الحاج عبد العزيز سي الدباغ.
للإشارة فقط، وعلى سبيل ذكر حضور الخليفة العام المغربي للتيجانيين بالعالم وتحديدا بالغرب الإفريقي، والذي كما عاينا حرص المرحوم الحسن الثاني اصطحابه إلى السنغال في عملية التدشين تلك.. فالجزائر حاليا تقوم بكل السبل والطرق لاستمالة الأفارقة “لخلافة تيجانية جزائرية” (ربما يكون مقرها خنشلة) .. لكن دون جدوى .. فالرابط الصوفي والتاريخي انعقد منذ قرون بالمملكة الشريفة، ومولاي ادريس زرهون وفاس وبضريح سيدي أحمد التيجاني قدس الله سره (مزارآلاف الأفارقة وتيجانيي العالم كل سنة)، وبإمارة المؤمنين بالمغرب .. فأين كان هؤلاء منذ قرون؟ لقد كانوا محكومين من طرف المغاربة المرابطين والموحدين والمرينيين .. ثم الأتراك ثم الفرانسيس .. كانوا يعيشون على هامش التاريخ.. فعن أي زعامة روحية يتكلمون؟
الدبلوماسية الروحية الناعمة، تقليد عريق ومستمر للمملكة الشريفة
في مذكراته، يقول قاسم الزهيري، أول سفير للمملكة بالسنغال، أنه اقترح على رئيس الحكومة السنغالية آنذاك مامادو دجا، بداية الستينات، أن يتم “وضع تصميم وبناء هذا المسجد على أيدي مهندسين وحرفيين مغاربة.. بصومعة عالية على الطراز المغربي .. على أن يحتوي أيضا على مركز ثقافي ومدرسة لتعليم اللغة العربية والعلوم والمبادئ الإسلامية”.
وهو ما كان.. حتى أن الراحل الحسن الثاني أسهم بقدر كبير في بنائه، كما أوفد لهذا الغرض مهندسين وكبار النحاتين والحرفيين المغاربة.. بل حضر شخصيا مراسيم تدشينه رفقة الرئيس السنغالي ليوبولد سيدار سنغور.
شهادة إمام مسجد داكار الكبير
إن هذه المعلمة كما قال أحد أئمتها: “تشكل مبعث فخر لسكان دكار، وتعتبر ثمرة العناية السامية للمغفور له الملك الحسن الثاني ، الذي حرص على ان يعكس هذا المسجد ،المهارة المعمارية والفنية للصناع التقليديين المغاربة “.. مضيفا أيضا أن صاحب الجلالة الملك محمد السادس ، أمير المومنين، نصره الله، واصل هذه العناية من خلال حرص جلالته المستمر على صيانة هذه المعلمة المعمارية، والتجديد المنتظم للإماكن المخصصة للصلاة، كما تبرهن على ذلك الزرابي الرباطية التي تزين قاعات الصلاة.