تمغربيت:
إذا كان النظام الجزائري يشكل “مرض جغرافي” بالنسبة للمغرب.. فإن المغرب هو المتنفس الأول لأزمات ومخاضات النظام الجزائري. ولذلك سيلجأ النظام العسكري، منذ تأسيس الجزائر سنة 1962م، إلى إقحام المغرب لاستدامة دكتاتوريته على شعب مقهور وتائه.
في هذا الصدد، فإن هرطقات دعم المغرب للقبايل وتشجيع الإرهاب في الجزائر وغيرها من “الدحدوحيات”.. ليست وليدة اليوم وإنما هي مرتبطة بتاريخ تأسيس الجزائر، أي منذ أن رفع بن بلة شعار “حكرونا حكرونا”.
في هذه المقالة، نعود بالقارئ الكريم إلى الأيام الأخيرة لهواري بومدين، عندما كان هذا الأخيرة على بعد أيام من لقائه مع ملك الموت.. وكان العسكر يحضر خليفته للحكم والذي لن يكون سوى العسكري الآخر الشاذلي بن جديد.
لقد راهن العسكر على ترسيخ صورته لدى الشعب الجزائري، من خلال تقديم “العصابة” في صورة المنقذ وحامي الجزائر وضامن أمنها واستقرارها.. ولم يكن الأمر يحتاج لأكثر من “مخطط مدروس” و”عدو جاهز”.. لتتفتق عقلية العسكر على “عملية رأس سيغلي” ك “مخطط مدروس” وعلى المغرب ك “عدو جاهز”.
سيناريو المخطط هو تورط المغرب في تسليح القبايل من خلال سلاح يتم نقله من قاعدة القنيطرة عبر طائرة C 130 وإلقائه في منطقة جبلية نواحي بجاية تعرف ب “رأس إيغلي”.. ثم يتم اختيار عناصر لاستلام السلاح ليجدوا في انتظارهم عناصر الجيش الجزائري.. ويتم الإعلان على هذه العملية بتاريخ 26 دجنبر 1978م أي بعد 3 أسابيع من دخول بومدين في غيبوبته الأخيرة.. وقبل يوم من وفاته.
سيتم استعمال واستغلال هذا “المخطط المدروس” من طرف المرشحين للسلطة، على اعتبار أن استعداء المغرب هو الموضوع الوحيد في الحملة الانتخابية الرئاسية الغير معلنة.. ويتم الترويج لأسطوانة العدو التاريخي والأزلي للجزائر.. ومن تم “إلهاء” الجزائريين وتوجيههم إلى ضرورة الالتفاف حول الجيش كصمام أمان بلد “13 مليون شهيد”.. في الوقت الذي حاول فيه المخزن استغلال عملية انتقال السلطة من أجل ضرب الجزائر الجريحة.. والتي فقدت أحد رموز ثورة نوفمبر.
ولعل الغريب في الموضوع أن المتورطين المزعومين في القضية سيتعرضون لمحاكمات سريعة وسيتم الحكم عليهم.. بأحكام مخففة لن تتجاوز 12 سنة كأقصى عقوبة، وليتم إطلاق سراح معظمهم قبل انتهاء مدة محكوميتهم.
ومباشرة بعد مغادرة المعتقلين السجن سيتناولون هذه الحادثة، بعد أن نزعت الغشاوة عن عيونهم ويكتشفوا أنهم كانوا حطبا.. لمخطط مدروس رسمه العسكر.. وبأن الطائرة التي ألقت الأسلحة أقلعت من بجاية وبأن الموضوع من أوله إلى آخره كان مجرد “دحدوحية عسكرية”، قام بها العسكر لإلهاء الداخل الجزائري.. ولن تكون آخر دحدوحياته.