تمغربيت:
لعل الحلقة 70 من سلسلة الدكتور الصنايبي”الثقة فالوثيقة” وما قبلها، والتي يقوم فيها بقراءة في كتاب الأستاذ الجامعي والكاتب الصحفي والمحلل السياسي الجزائري نوفل ابراهيم الميلي:“فرنسا-الجزائر: خمسون سنة من القصص السرية- الجزء الأول – 1962-1992 ”.. ” France-Algérie : 50 ans d’histoires secrètes ( tome 1 / 1962-1992) “، تُعد إحدى أخطر الحلقات؛ لِما تحتويه من أسرار الدولة الجزائرية في علاقتها بفرنسا ما بعد الاستقلال
الاستقلال بنكهة الانفصال..
الاستقلال بنكهة انفصال 1962 بموجب تقرير مصير كثمرة من ثمرات رؤية ديغول الاستراتيجية التاريخية.. ولما فيه من اتفاقيات سرية خطيرة توصف ب TOP secret و ultra-secret مازال ملفها مغلقا إلى يوم الناس هذا.. ولما تسببت فيه من كارثة إنسانية وإبادة تعلو إلى مصاف جرائم الحرب génocide قُتل على جرائها ومازال.. آلاف من المغاربة والجزائريين بالصحراء الشرقية المنتمية تاريخيا للمغرب، ومازالت آثارها البيئية واللا إنسانية مستمرة إلى اليوم.. ولما فيها من تعرية للوجه والتاريخ الدموي والسري المظلم للهواري بومدين (زعيم الجزائريين التاريخي ان لم يكن نبيُّهم)
بومدين.. الرئيس الوفي لاتفاقيات إيفيان..
الدكتور الصنايبي قارءا للكتاب يشير إلى اتفاقيتين نوويتين سريتين وقعهما بومدين مع فرنسا. في استمرار واضح ورضى تام على ما سبق من بنود مجحفة في حق الجزائر وشعبها تضمنته اتفاقيات ايفيان les accords d’Evian ، المصادق عليها بتاريخ : 18 مارس 1962.
والشاهد هنا هو ما جاء في الكتاب : Et c’est Boumediene lui même qui par un accord Ultra-secret avait autorisé en 1972 l’armée Française à y rester encore pour 5 ans . ( وبومدين نفسه سمح عبر اتفاق سري للغاية سنة 1972 للجيش الفرنسي بالاستمرار لخمس سنوات أخرى..)
فالمؤلف ينتقي كلماته بدقة؛
à y rester encore pour 5 ans –
بالاستمرار لخمس سنوات أخرى : استمرار هنا بمعني تمديد وتجديد كما توحي به comme sous entend وتحيل على اتفاقيات سابقة. منها اتفاقيات ايفيان 62 واتفاقيات نووية سرية سنة 1967.
اذا نحن أمام ثلاث اتفاقيات كلها سرية :
– اتفاقيات سرية سنة 1962 أُبرِمَت بين الحكومة المؤقتة ( عن جبهة التحرير الوطني FLN ) وديغول.
– اتفاقية نووية سرية للغاية بين بومدين وديغول سنة 1967.
– ودائما وبشكل سري للغاية (وماكاين غي السري) اتفاقية نووية بين بومدين وفرنسا سنة 1972.
* اما اتفاقيات ايفيان فقد ناقشها الدكتور في حلقات سابقة مهمة من سلسلة “الثقة فالوثيقة” نحتفظ بأبرز بنودها : – الإبقاء على الجيش الفرنسي بعد 62. بإحدى القواعد العسكرية – الاحتفاظ بمطار عسكري تحت تصرف الجيش الفرنسي – حصحصة أو تحصيص 60% من المحروقات لصالح فرنسا – والسماح لفرنسا بإقامة تجارب نووية على التراب الجزائري بالصحراء الشرقية .. التي علق بشأنها الدكتور الصنايبي قائلا : لقد ثبت تاريخيا ان الجزائر لم تكن لديها سيادة عليها (الصحراء الشرقية) لا في عهد الأتراك ولا الفرنسيين إلى حدود 1842م. حيث ضمتها فرنسا إلى حكمها وسلطتها .. وان احتلال فرنسا للصحراء الشرقية كان مقابل – القيام بتجاربها التووية عليها – مما تسبب في إبادة ومجزرة في حق ساكنتها ..وهو الأمر الذي يشهد التاريخ معارضة الملك محمد الخامس له لمّا اقترحته عليه فرنسا معللا رفضه رحمه الله، بأن الأرض أرض مغربية وسكانها مغاربة و ستكون على حساب أرواح الساكنة.
وإنها لمفارقة معبرة بين سلطة الملوك بالمغرب التي تراعي أمانة تدبير شؤون البلاد والعباد .. وهاجس الحفاظ على الحياة السياسية الخاصة لبومدين ومن جاء بعده على حساب البلاد والعباد !
(يتبع)