تمغربيت : فتيحة شاطر
بدأ الجيش اللبناني الخميس المرحلة الثانية من تسليم السلاح الفلسطيني في مخيمات مدينة صور، ضمن خطة تهدف إلى حصر الأسلحة بيد الدولة. العملية شملت مخيمات الرشيدية، البص والبرج الشمالي، وتم نقل صواريخ وقذائف هاون وألغام إلى الجيش اللبناني والأمن الوطني الفلسطيني، وفق مسؤولين محليين.
وتأتي هذه الخطوة بعد نجاح المرحلة الأولى في مخيم برج البراجنة في الضاحية الجنوبية لبيروت، وتأتي ضمن سلسلة تحركات تنسقها الأجهزة الأمنية اللبنانية مع القيادة الفلسطينية لضمان استقرار المخيمات.
ويعد مراقبون هذه العملية اختباراً لقدرة الدولة اللبنانية على فرض سيادتها على المخيمات، التي لطالما ظلت خارج نطاق القانون منذ اتفاق القاهرة عام 1969، مع منح الفصائل الفلسطينية دوراً أمنياً موازياً. أي نجاح في تنفيذ العملية قد يرفع توقعات مماثلة بخصوص سلاح حزب الله، الذي يحتفظ بترسانة كبيرة خارج سيطرة الدولة.
وتنظر إسرائيل بحذر إلى هذه التطورات، معتبرة أن نجاح لبنان في فرض السيطرة على المخيمات قد يشكل سابقة لتقييد النفوذ العسكري لحزب الله. وفي الوقت نفسه، تتابع إيران الوضع عن كثب، إذ يمثل تراجع النفوذ غير المباشر عبر حزب الله تحدياً للاستراتيجية الإقليمية الإيرانية في لبنان.
وقال اللواء صبحي أبوعرب، قائد الأمن الوطني الفلسطيني في لبنان، إن “جميع الأسلحة الثقيلة في مخيمات صور جرى تسليمها إلى الجيش اللبناني ومخابراته”، مؤكداً أن العملية تنفذ بالتنسيق الكامل مع الجيش اللبناني لضمان سلامة المخيمات.
ويعيش نحو نصف مليون لاجئ فلسطيني في لبنان، معظمهم في 12 مخيماً تعترف بها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا). وتظل المخيمات، بموجب اتفاقات غير رسمية، خارج نطاق تدخل الجيش، بينما يفرض الأخير إجراءات أمنية مشددة حولها.
ويعتبر مراقبون أن هذه الخطوة تحمل دلالات سياسية أوسع. فهي تعكس قدرة الدولة اللبنانية على التعاون مع الفصائل الفلسطينية وضبط الوضع الأمني، وفي الوقت ذاته تمثل تحدياً لحزب الله، الذي قد يواجه ضغوطاً متزايدة داخلياً ودولياً لتقييد ترسانته العسكرية.
ومع استمرار تسليم السلاح، ستتابع القوى الإقليمية والدولية العملية عن كثب، معتبرة أن نجاحها قد يعزز سيادة الدولة اللبنانية ويضع حزب الله أمام تحديات جديدة في مشهد معقد تشكل فيه المصالح الداخلية والتوازنات الإقليمية محوراً أساسياً