تمغربيت:
طيلة أزيد من 12 قرنا من تواجد هذه الأمة العزيزة لم يُثر النقاش يوما عن العرق أو الدين او اللون.. بل ولم يجد المغاربة العرب والأمازيغ حرجا في أن تحكمهم سلالات عربية (الأدارسة، السعديون والعلويون) أو أخرى أمازيغية (المرابطون الموحدون والمرينيون). واعتبر المغاربة هذا النقاش غريب صاحبه مشكوك في نوايا حامله.
مناسبة الحديث هو ما يروج، أو يُروّج له، داخل مواقع التواصل الاجتماعي، من طرف أشخاص لا نعرفهم بالعيان.. ولا يُعرفون بالبيان، ويثيرون هذه النعرات العرقية ليس من باب التعريف بالتعددية الثقافية والعرقية ل “المغاربة العرب والأمازيغ”.. ولكن من باب التلبيس الذي يعقبه التحريض. ووصل الأمر بالبعض إلى استعمال مصطلحات تمتح من قواميس الدواعش والمتطرفين.. والتلويح باستعمال العنف من أجل تحييد مكون مغربي لاعتبارات داعشية لا علاقة لها بتمغربيت.
ولعل ما أثارني شخصيا في خطاب هؤلاء “الحمقى” هو الحديث ب “ثقة وأريحية”.. وكأن مثل هكذا الخطاب ليس له ما بعده أو كأنه ليس بالخطاب التحريضي الذي يهدد الوحدة واللحمة الوطنية.. وهي الممارسات التي قد تؤدي، لا قدر الله، إلى حالة من الاحتراب لا يمكن توقع مآلاتها.
لقد شكل المغرب دائما بيئة استقبال نموذجية، ووعاء تنصهر فيه جميع الثقافات والألسن والعرقيات.. لينبثق عن هذا التمازج والتمايز الجميل شخصية رئيسية للمجتمع المغربي وبنية سلوكية نطلق عليها حاليا “تمغربيت”. هذه الأخيرة شكلت ذلك الوعاء الذي يحتضن العربي والأمازيغي واليهودي وغيرهم.. وهو الوعاء الذي لا ولاء له إلا للدولة باعتبارها الحاضنة والحاكمة والمدبرة وفق تعاقد اجتماعي جعل من الإسلام الدين الرسمي للدولة ومن العربية والأمازيغية لغات رسمية واعتبر جميع التعبيرات العرقية جزء لا يتجزأ من النسيج المجتمعي المغربي.
وإذا كان البعض يرى في بقاءه واستمراره رهين بخلق حالة من التوحش في المغرب فإنه مخطئ.. ومن يعتقد بأن محاولة إضعاف الدولة والضرب في نسيجها الوطني هو مبرر تواجده واستمراره فهو مجرم.. ومن جعل من نفسه حطبا لهذا “النقاش القذر والخبيث” فإنه شريك في الجريمة في حق هذا الوطن.
صحيح أن النقاش منحصر حاليا في بعض الغرف التيكتوكية والتويترية، ولكن الفطنة ومنطق الدولة يفرض التدخل بذكاء.. من أجعل قطع الطريق أمام جميع خطابات التحريض والإقصاء والخوض في عصبيات جاهلية حرّمها الإسلام أولا وقطع معها المغرب منذ قرون ثانيا.. وليبقى الشعار الجامع المانع بين جميع المغاربة هو الله الوطن الملك.. ولا غالب إلا الله.