تمغربيت:
قبل الحديث عن الطابور الخامس.. قلنا دائما بأن الخطر الداهم على المغرب والمغاربة لا يمكن أن يأتي من الخارج.. وأكدنا بأن دولة لها قرون من التواجد المادي والسياسي لا يمكن أن تسقطها الحروب أو الهجمات الخارجية. كما أشرنا إلى أن قرون من التراكمات تجعل بنية الدولة مترسخة في المخيال الجماعي للشعب في علاقته مع النظام السياسي الحاكم.. وذلك مهما ارتفعت الأصوات المعارضة أو الحركات الاحتجاجية.
مثل هكذا دول “متجذرة” لا يمكن أن يأتيها الخطر إلا من الداخل.. ومن طرف أُناس يعرفون كيف تفكر الدولة وكيف يمكن تهييج العوام، لأنهم يتحدثون بلساننا وباسمنا ويعرفون كيف يخاطبون العواطف ويحتقرون العقول. والأخطر من ذلك أنهم حاقدون وناقمون على الدولة ويحملونها مسؤولية “هدم” محاولاتهم الركوب على “حركية الجماهير”.. ويرون في أنفسهم أهلا لقيادة الدولة بدل من يقودها حاليا.
الطابور الخامس.. حب المال ولباس التقوى
وحيث أن الطابور الخامس يعشق المال ويفتقد للمبادئ وأصول الانتماء.. فقد وجد في الجزائر ضالته وملاذه، فدخل في معادلة خطيرة ولعبة خبيثة ظاهرها الدين والأخوة وحقوق الجيرة.. وباطنها الهدم والانتقام والمتاجرة في “التوحش”. ولذلك فإن هذا الطابور تجده يظهر عند الأزمات ويتدثر بغطاء الوطنية المزيفة ويتقمص دور الناصح الأمين لولي الأمر ولسائر المغاربة المسلمين.
إنه الطابور الذي تحول إلى مهاجم شرس للمغاربة، بينما يمر على إجرام الجزائر مرور اليتيم بقوم.. ولا يجد حرجا في الدفاع عن إيران وإرهاب العسكر الجبان، وفي نفس الوقت يهاجم الإمارات وإسرائيل باعتبارهما الشياطين وأعداء الملة والدين.
ويرى أتباع هذا التيار الخبيث بأن الخطر الإماراتي والإسرائيلي يتجاوز بكثير الخطر الجزائري.. طبعا إذا كان يعتبر ما تقوم به الجزائر منذ نصف قرن (على الأقل) خطرا. وكأن الصراع المغربي الجزائري بدأ بعد اتفاقية التطبيع، أو كأن الإمارات العربية المتحدة هي من تساند الأطروحة الانفصالية.. وهي من تروج لتقسيم المغرب وهي من خصصت 500 مليار دولار لتنظيم إرهابي يتلدد بقتل الأبرياء وحاول، ما مرة، نقل المعركة إلى العمق المغربي.
الطابور الخامس في المغرب.. تساهل غير مفهوم
وتبقى النقطة التي يقف عندها الجميع مرتبطة بهذه المساحة الكبيرة التي يتحرك فيها هذا الطابور داخل المملكة المغربية.. وذلك بالرغم من أنهم ضربوا في جميع الثوابت الوطنية، مع مراعاة بعض الحدود التي تجعلهم يقولون ما يعتقدون أنهم لا يتجاوزون به الحد.. وإلا فإن الأجهزة المغربية تعرفهم وتعرف قناعاتهم وارتباطاتهم وطبيعة مشاريعهم الهدامة وخطورتها على اللحمة الوطنية.. وهو ما يجعلنا نطرح أسئلة لا نجد لها أجوبة.
فإما أن هؤلاء وطنيون صادقون وبالتالي وجب علينا أن نلجم ألسنتنا عنهم ونتركهم يتمتعون بهامش الحرية داخل مملكة تبنت الخيار الديمقراطي.. ورفعته إلى مصاف أحد ثوابت المملكة. وإما أن هؤلاء يهددون فعلا الأمن القومي للمملكة واللحمة المغربية والجبهة الداخلية وبالتالي فإن السكوت عن سمومهم يبقى غير مفهوم.. غير مفهوم بتاتا.