تمغربيت:
انتهت مغامرة الأسود في تظاهرة رياضية لم يكتب لنا بعد أن نفوز بها منذ 48 سنة.. وانتهت معها أحلام الجماهير المغربية، لتبدأ مرحلة الانتقاد والتقييم للاستعداد للاستحقاقات القادمة.. خاصة وأن النسخة المقبلة ستقام في المغرب، ومن المتوقع أن تكون نسخة استثنائية على جميع المستويات.
غير أن نكسة الأسود تبقى رياضية، وفي حدود الرياضة، ولم نحمل المسؤولية لأية جهة أو مؤسسة أو شخص. وهذا يعبر عن سلوك مغربي راقي اعتاد على تحمل المسؤولية وعدم تصديرها إلى الغير أو حتى تبريرها.. على اعتبار أن جميع الظروف كانت مهيأة للذهاب بعيدا في هذه المنافسة.
غير أن بعض المخلوقات في الجوار، جعلت من نكسة المنتخب المغربي إنجازا وطنيا جزائريا.. وخرج مئات الآلاف يفرحون لإقصاء “العدو الكلاسيكي” للجزائر. ولم نسمع جزائريا عاقلا يقول بأنها مجرد منافسة رياضية لا غير، ويجب أن تبقى في هذا الإطار.. ومن شاهد الأفراح والاحتفالات يقول بأن القدس تحررت أو أن ثعالب الصحراء فازوا بالكأس الإفريقية، مع أنهم كانوا أول المودعين.
احتفالات أغلب الجزائريين، تقطع بأن النظام العسكري نجح في استراتيجية زرع الحقد والعداء والبغضاء بين الشعبين.. لتصل العلاقات بين الطرفين إلى نقطة اللا عودة.
وطبعا، لا يمكن أن نسب أو نلعن المستقبل.. لكننا نتحدث بناء على واقع الحال، وبناء على معطى ثابت يحرك جميع المغاربة ألا وهو المعطى الوطني. ولذلك فإن جميع المغاربة يخضعون علاقتهم ب “الآخر” لمواقفهم من الوطن المغربي.. وعلى هذا الأساس يتم تقييم المواقف والتعبيرات الشعبية.
في هذا الصدد، أطلقت كأس إفريقيا رصاصة الرحمة على أسطورة “خاوة خاوة“.. وأحدثت شرخا في العلاقات لن يلتئم إلى بعد عقود من الزمان، أو بعد قرون، إذا لم تنجح الجزائر في التخلص من هذا النظام الذي نجح في تحويل عدائه للمملكة المغربية إلى عقيدة شعبية.
وإذا كان النظام الجزائري قد نجح في حشد جزء من الشعب حوله من خلال تكريس عقيدة العداء والاستهداف والمؤامرة في مخيلة المواطن البسيط.. فإنه نجح أيضا في تحقيق إجماع وطني مغربي حول الثوابت والرموز المغربية، وبالتالي فشل استراتيجيا في محاولة فصل الشعب المغربي عن مؤسساته ورموزه.
هي إذا حرب بين الخير والشر.. حرب انتهت بتزعم المغرب للقارة الإفريقية وحسم ملف الصحراء الغربية المغربية.. وانتهت بعزلة دولية للجزائر ووصلت إلى مرحلة من الضعف والوهن جعلت وزير خارجية روسيا يصفها بأنها دولة بلا وزن ولا هيبة ولا مواقف.