تمغربيت:
صفحة مشرقة وجديدة من صفحات الإمبراطورية المغربية الشريفة.. وتتمة لسلسلة عظماء المغرب.. سنتناول اليوم شخصية جليلة، تولت حكم هذه الأرض الشريفة.. وبرعت في السياسة والاقتصاد، كما عرف بشعره وعلمه وذوقه الأنيق.. صاحب قصر أعجوبة العجائب.. فمن يكون أحمد المنصور الذهبي ؟
من هو أحمد المنصور
هو أحمد المنصور الذهبي بن محمد المهدي الشيخ بن محمد القائم بأمر الله الزيداني الحسني السعدي ولد سنة 1549م بمدينة فاس العريقة.. والدته هي مسعودة الحرة بنت الشيخ أحمد بن عبد الله الوزكيتي والمشهورة في كتب التاريخ والذاكرة الشعبية “بالوزكيتية”.
وفي سن الحادية عشر.. تنقل أحمد المنصور الذهبي بين أعرق مدن المغرب.. كفاس ومراكش وسوس طالباً للعلم بحيث، وعلى غرار سلاطين المملكة الشريفة السابقين.. سلك طريق حفظة القرآن.. كما تتلمذ المنصور على يد خيرة فقهاء المغرب.. كمحمد الدرعي إمام جامع المشور بفاس والقاضي سليمان بن إبراهيم بمراكش ثم موسى السوسي.
في هذا الصدد.. حين بلغ أحمد المنصور سن السابعة والعشرين.. عين نائباً على مدينة فاس وهناك استقر أحمد المنصور الذهبي وأكمل دراسته على يد أكبر شيوخ القرويين كشيخ الفقهاء محمد بن أبي القاسم الشريف الحسني.. وإمام النحاة في عصره أحمد القدومي، وإمام المعقول والمنقول أحمد المنجور، ثم شيخ المحدثين رضوان بن عبد الله الجنوي.. وحامل لواء المذهب المالكي القاضي عبد الواحد الحميدي.
شاب عاشق للعلم والعلماء
فقد كان أحمد المنصور الذهبي مولعاً ويعشق العلوم أكثر من السياسة وهو الأمر الذي أغضب السلطان عبد الملك المعتصم حيث وبخه في رسالة.. على إهماله للشؤون السياسية والعسكرية محذراً إياه.. من المخاطر المحدقة بالإمبراطورية المغربية الشريفة.. فقد استقرت هذه الكلمات في بال المنصور الذهبي وكانت لها أثر إيجابي على تغيير عقليته فقد أحس بمسؤولية كبيرة الملقى على عاتقه.
وقد عزم أحمد المنصور الذهبي على تجهيز نفسه وتوحيد صفوف جيشه.. لمواجهة خطر واحدة من أكبر الحملات الصليبة الأوروبية التي عرفتها القارة الإفريقية.. والتي تكللت بانتصار عظيم في معركة واد المخازن الكبرى سنة 1578م.. أنهى بها الشرفاء السعديين بالمغرب حلم الفتى المتعجرف سيباستيان ملك الإمبراطورية البرتغالية.
مبايعة أحمد المنصور الذهبي
وفي نفس السنة بل وفي ساحة معركة واد المخازن بويع أحمد المنصور الذهبي وأصبح سلطان المغرب وخليفة المسلمين.. أخد لقبه المنصور بالله بعد نهاية ملحمة الملوك الثلاث,.. نظراً لمجهوداته العتيدة.. ودوره الكبير في كسر شوكة الإمبراطورية البرتغالية.
وتتمة لما قلناه فقد فتح أحمد المنصور الذهبي.. صفحة جديدة في تاريخ الإمبراطورية المغربية الشريفة.. وأدخلها إلى غمار الدول الكبرى.. بحيث طوى مشكل العثمانيين الذي كان قائما مع أبوه عبد الملك المعتصم رحمه الله.. وفتح استراتيجية جديدة ساهمت في hزدهار المغرب hقتصادياً.. وانفتح على دول جنوب الصحراء.. لاسيما بعد أن ضم مملكة سونغاي “مالي” تحت مظلة الشرفاء السعديين.. بحيث دخلت الإمبراطورية المغربية الشريفة عهداً جديداً وعصراً ذهبياً مشعاً.
ولقد كان الطابع العلمي وميوله المعرفي من أهم مميزات شخصية أحمد المنصور الذهبي والتي انعكست على ملامح الإمبراطورية المغربية الشريفة.. بحيث كان متعلقاً بمجالس العلماء وكان حاضناً ومعتنيا بالمتعلمين.. وكما هو ثابت فإن أحمد المنصور الذهبي.. كان شاعراً وكانت له معرفة واسعة بالعلوم اللغوية والشرعية.. بالإضافة إلى تميزه في علوم الهندسة والجبر.
ويمكن إستخلاص كل مظاهر الرقي الثقافي والحضاري والتفوق العلمي والمعرفي خلال عصر المنصور الذهبي بحيث يمكن إستنتاج حال السلطة آنذاك بالمغرب.. فقد كان السلطان الأنيق أحمد المنصور الذهبي حريصاً أشد الحرص على التغيير.. ووضع بروتوكولات جديدة.. زادت في إعطاء صورة راقية ومهيبة على المملكة المغربية الشريفة.. وهي لازالت قائمة ومعمول بها إلى يومنا هذا.
نخوة المنصور
ونظراً لنخوة الذهبي والتي ميزته على من سبقوه من سلاطين الإمبراطورية المغربية الشريفة، استقر رأي الخليفة أحمد المنصور الذهبي على بناء معلمة عظيمة.. سميت بقصر البديع.. معلمة خالدة سلبت عقول الرسامين والمؤرخين وأسرت الوجدان وسحرت أعين كل من رآها.. واستغرق بناءه وتزيينه معظم فترة حكمه.. قصر لربما اسمه يلخص حال إبداعه.. فلا يمكن وصفه في كلمات معدودة فقد كُتِب فيه أشعاراً.. وكتُباً.
مات أحمد المنصور الذهبي بسبب الهواء الأصفر أو ما يعرف “بالطاعون”.. ترك وراءه مكتبة جامعة لعلوم الأمة المغربية العريقة، تحتوي على أكثر من 32.000 كتاب، بالإضافة إلى أنه ترك كتابين الأول اسمه “المعارف في كل ما تحتاج إليه الخلائف” والثاني “العود أحمد” كتاب جمع فيه الأدعية المأثورة عن الرسول محمد ﷺ، والمأخوذة من كتب الحديث الصحاح.. ولا غالب إلاّ الله.