تمغربيت:
صفحة جديدة ومشرقة من صفحات الإمبراطورية المغربية الشريفة.. نلتقي في هذه المقالة مع شخصية مغربية عظيمة.. شخصية وطنية حتى النخاع.. لعبت دوراً كبيراً في الدفاع عن أرض المغرب المباركة من الاستعمار الإسباني.. بطل استأسد على أرض المعارك واهتزت له عروش الطغاة وأصبح رمزاً لثوار العالم في الأرض كلها.. فمن يكون عبد الكريم الخطابي؟
من يكون المجاهد محمد بن عبد الكريم الخطابي
ولد المجاهد الكبير والأستاذ العظيم محمد بن عبد الكريم الخطابي سنة 1882 بأجدير، ينتسب إلى قبيلة بني ورياغل، حفظ القرآن بهذه القرية الجميلة والهادئة.. كان أسد الريف فقيها وقاضيا.. غاص في بحار العلوم في سن العشرين.. وأرسله أبوه إلى مدينة فاس سنة 1902.. درس بالقرويين وكان يسكن في مدرسة الشراطين العريقة.. تقلى عبد الكريم الخطابي علومه على يد علماء فاس المرموقين ومنهم محمد القاديري والتهامي كنون.. وسنة 1904 رجع إلى قريته ليساعد أبيه في أعماله الخاصة.
في هذا السياق عمل عبد الكريم الخطابي سنة 1908 كاتباً بمكتب الإدارة الوطنية بمليلية ثم مساعداً لمدير المكتب، وهو المكتب الذي كان يشرف ويدير العمل السياسي الإسباني في جميع أنحاء المنطقة الشرقية من شمال المغرب.. وفي سنة 1910 أصبح محمد بن عبد الكريم قاضي مدينة مليلية.
وتتمة لما قلناه ولنبل أخلاقه ورقي أفكاره ونقاء سريرته فقد عمل عبد الكريم الخطابي دوراً هاما في القضاء على الكراهية والضغائن بين الاسبان ومناطق الريف بالمغرب.. أملا أن تكون قنوات الحوار وإيجاد الحلول المناسبة التي ستمكن من كبح تقدم الإسبان نحو المناطق المغربية الأخرى.. وهو حاصل على عدة أوسمة.. كوسام الفروسية لذكائه ونباهته.. ووسام الصليب الأحمر للاستحقاق العسكري لدوره الحاسم الذي لعبه في إطلاق سراح بعض من الأسرى الإسبان الذين كانت قوات الشريف سيدي محمد أمزيان قد أسرتهم في نهاية سنة 1911.
وبعد تيقن عبد الكريم الخطابي أن الإسبان قد إختاروا الحرب والتصعيد.. بدأت معها صفحة جديدة من تاريخ المقاومة الوطنية ضد الاحتلال الإسباني كما بدأت مواجهات خطيرة ودموية.. تكللت بانتصارات عظيمة حققها أسود الريف المغربي تحت قيادة زعيمها البطل محمد بن عبد الكريم الخطابي ولعل أهمها هي معركة أنوال الشهيرة.
بطل وطني وملهم جيفارا
بعد تكتيك معركة أنوال الخالدة والانتصار الساحق للمغاربة أمام 60 ألف جندي وآخر تكنولوجيا الطائرات والدبابات آنذاك مقابل 3000 مجاهد من جبال الريف المغربية.. ما تسبب في شهرته وداع صيته في العالم.. أصبح عبد الكريم الخطابي بطل المعارك الشعبية ورمزاً للكفاح، وأيقونة وفخر العرق الأمازيغي العتيد.. كما وضع أسس تكتيكات حرب العصابات ومبتكرها.. فقد كان قدوة الرئيس ماوتسي تونغ حيث قال لوفد فلسطين لما سألوه عن أساليب المقاومة الشعبية.. فأجابهم “رفاقي الاعزاء، جئتم تريدون ان احدثكم عن حرب التحرير الشعبية، في حين انه يوجد في تاريخكم القريب عبد الكريم الخطابي الذي هو أحد المصادر الاساسية التي منها تعلمت حرب التحرير الشعبية”.. كما ألهم هذا البطل رمز الثوار أمريكا اللاتينية تشي جيفارا.
كما لا ننسى خطابه المشهور ورسالته وندائه للجزائريين والتونسيين، وجاء فيها.. “يأيها المسلمون التونسيون والجزائريون إن الأمر الذي يشق علينا تحمله هو أن نرى أبناءكم يأتون قهرا لمحاربتنا.. إن أربعة أخماس الجيوش التي هي على حدودنا شاهرة السلاح في وجوهنا هم من أبنائكم. وكان من الواجب عليهم أن ينقضوا على أعدائنا المشتركين، المضطهدين لنا ولكم”.. فهذه أخلاقنا وتلك معاركنا وهؤلاء رجالنا فلكي لا ننسى أننا أمة يقام لها ويقعد وجينات الشهامة وتمغربيت تسري في عروقنا.