تمغربيت:
صفحة جديدة ومشرقة من صفحات الإمبراطورية المغربية الشريفة.. كنا قد تناولنا في مقالتنا السابقة قصة تسمية مدينة مراكش بسبعة رجال وفصلنا فيها.. وتعرفنا عليهم، من خلال سيرتهم التي حفرت في الذاكرة الشعبية المغربية.. فلم يسعنا التفصيل في هؤلاء الرجال.. اليوم سنتكلم بتفصيل أكثر عن القاضي عياض.. من يكون؟
هو إذن أبو الفضل عياض بن موسى بن عياض بن عمرو بن موسى بن عياض السبتي اليحصبي ولد سنة 1083م بمدينة سبتة المغربية، المشهور باسم القاضي عياض، وهو قاضي وعلامة وأحد أبرز علماء المغرب بصفة خاصة.. والأمة الإسلامية بصفة عامة.. تلقى أولى علومه على يد أبرز شيوخها.. ثم في شبابه رحل إلى الأندلس ثم غاص في بحار العلوم وتعمق فيها.
في هذا السياق تولى القاضي عياض منصب قاضي سبتة وغرناطة والعديد من المدن الأندلسية.. فقد عاصر الفترة المرابطية.. لما كانت الأندلس جزء لا يتجزأ من الإمبراطورية المغربية الشريفة، وهو إمام المذهب المالكي السائر آنذاك في الفترة المرابطية.
وتتمة لما قلناه فقد كان القاضي عياض من أهل الورع والزهد مهملا الدنيا.. حتى يقال أنه تنازل لأخيه على الميراث.. فقد عاش حياته متفرغا للقضاء والتأليف ومجالسة أهل العلم.. فذاع صيته في الحديث الفذ في العلم والرواية.. وألف كتاب “ترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة مذهب مالك” كما له مؤلف “الشفا” والذي أظهر محبة كبيرة لرسول ﷺ.. وأهل البيت.
وتماشيا مع ما تم ذكره.. فقد نفي إلى مراكش إثر الأحداث التي عرفتها مدينة سبتة في بدايات العهد الموحدي.. فيقال أنه مات بسبب مذهبه المالكي حيث رفض كتابة مؤلف عن المهدي بن تومرت.. فلم يعرف قبره إلاّ في العهد المريني، حيث تم إحياء المذهب المالكي وقاموا بإيجاد قبره وتكريمه حتى أصبح من رجالات مراكش المشهورين.
لقد حظي القاضي عياض بتقدير سكان المدينة فحكوا عنه كرامات ورفعوه إلى مقام الأولياء.. حتى يحكى أن اليوسي عندما وصل الى مراكش لتجديد قضية الزيارة، سأله السكان عن حد حرم أبي الفضل عياض، فأجابهم جوابه المشهور “المغرب كله حرم لأبي الفضل”.