تمغربيت:
نحن في عام 61 بالدار البيضاx.. في مغرب مستقل تحت سلطة “أب الاستقلال المغربي” الملك محمد الخامس.. والعديد من الدول العربية والإفريقية مازالت ترزح تحت أقدام الاستعمار..
دعا الملك آنذاك إلى مؤتمر إفريقي، سينعقد طيلة أربعة أيام: من 4 إلى 7 يناير 1961..
المؤتمر ضم دولا عرفت ب “مجموعة الدار البيضاء” وهي: مصر وغانا وغينيا ومالي بالإضافة إلى المغرب طبعا.. فضلا عن ممثلين عن حكومة الجزائر المؤقتة.. نعم، الجزائر قبل حتى أن تستقل أو تنفصل، ويخرج منها العجب العجاب.. رغم أنف فرنسا .. وحبا في التاريخ الذي لا يرحم !
مؤتمر الأقطاب الإفريقية
أطلق على هذا التجمع والاجتماع، ما يسمى ب “مؤتمر الأقطاب الأفريقية”. ونتج عنه “ميثاق الدار البيضاء” الذي سيضع النواة الأولى للتعاون الإفريقي.. وكان يهدف محمد الخامس من هذا الميثاق إلى تحرير القارة الأفريقية من الاستعمار والتخلص من العنصرية والتمييز العنصري والتعاون في مجالات الاقتصاد والثقافة والتعليم والصحة والتقنية والتنمية الاجتماعية.. كما يعد من أولى بوادر العمل الإفريقي المشترك قبل إنشاء منظمة الوحدة الأفريقية عام 1963.
وهذا سيبقى للتاريخ.. تاريخ التحرر وتقرير مصير الشعوب.. وتاريخ العلاقة العريق جدا بين إفريقيا، والإمبراطورية المغربية الشريفة بأسمائها العديدة ( مراكش .. فاس .. بلاد المور .. فلا مشاحة في الاصطلاح كما يقول اللغويون)
كما حضر الاجتماع قادة وممثلو سبع دول أفريقية: الرئيس المصري جمال عبد الناصر.. والقائد الثوري ورئيس غانا كوامي نكروما.. ورئيس مالي موديبو كيتا.. ورئيس غينيا كوناكري أحمد سيكو توري.. وفرحات عباس ممثلا عن الحكومة المؤقتة لجبهة التحرير الوطني الجزائرية.. وعبد القادر علام ممثلا لملك ليبيا ادريس الاول.
قالوا عن هذا المؤتمر:
كتب نور الدين الداودي قبل 3 سنوات (هو أستاذ باحث في العلاقات الدولية والقانون الدولي، الکلية المتعددة التخصصات بالعرائش، المملکة المغربية).. عن هذا المؤتمر فقل:
“مؤتمر الدار البيضاء 1961 وجه من أوجه للتنظيمات الإفريقية، والتي عکست إرادة مجموعة من القادة الأفارقة النابعة من الفکر التحرري.. والتواقة إلى تحرير إفريقيا من أغلال الاستعمار، والآملة إلى جعل مصير إفريقيا بيد أبناءها. ورغم أنه لم يکتب له أن يستمر إلا أنه ساهم بشکل کبير في إذکاء الروح الوحدوية للدول الإفريقية.. والتي توجت من بعد سنتين من تاريخ المؤتمر بميلاد منظمة الوحدة الإفريقية. ولعل مشارکة الأفارقة في حماية الوحدة الوطنية للکونغو.. وعقد مؤتمر أديس أبابا في ماي 1963، خير دليل على قناعة للزعماء الأفارقة بالفکر الوحدوي الذي وضع لبناته الأولى الملک محمد الخامس.. مما يعد صورة من صور ممارسة الدبلوماسية المغربية التي دخلت التاريخ للبقاء فيه وإن لم يکتب لها الاستمرار.”
كما قال عنه الدكتور فيليب رفلة في كتابه الهام: «الجغرافية السياسية لافريقيا» المطبوع سنة 1966 (حول هذا المؤتمر) ما يلي: “.. وقد نجح مؤتمر الدار البيضاء في تجميع جهود الافريقيين لمواصلة الكفاح ضد الاستعمار، وإنشاء قوة عسكرية افريقية، وكانت قراراته بالإجماع”
كما قال الراحل الحسن الثاني في خطابه الموجه إلى مؤتمر لاغوس المنعقد في يناير 62، سنة فيما بعد: “ان الخطة التي رسمناها لأنفسنا، وميثاق الدار البيضاء الذي سنظل أوفياء مخلصين له، يفرضان علينا أن لا ندخر وسعا، ولا نتأخر عن بذل أية تضحية لتحقيق المبادئ التي قام عليها الميثاق، ونصرة الحرية الرقي والعدالة الاجتماعية سواء داخل حدودنا أو في مجموع القارة الافريقية”.