تمغربيت:
الضربات القوية التي تلقتها التنظيمات الإرهابية بالمغرب عام 2003 وما بعده.. جعلتها تقتصر على الخلايا النائمة فقط، والاشتغال بأسلوب ما يطلق عليه بظاهرة “الذئاب المنفردة – les loups solitaires”.. لكن حتى مع هذا المعطى الجديد، نجحت السلطات الأمنية المغربية، في تفكيك المئات من هذه الخلايا.
وتكمن خطورة “الذئاب المنفردة” في كونها تشتغل بشيء من الاستقلالية التنظيمية عن الحركات والتنظيمات التكفيرية الكبرى. مما يجعلها منعزلة ومحدودة.. ومصبوغة بالطابع النكائي..
ومما يحسب للأجهزة الأمنية – الدكتور الصنايبي مفصلا – بالنظر إلى منظومة صناعة القرار الأمني التي تتداخل فيها مجموعة من الأجهزة: وزارة الداخلية..المديرية العامة للأمن الوطني .. المخابرات الخارجية .. بالإضافة إلى مجموعة من الأجهزة التي تضع بين يدي صانع القرار الأمني، تقديرات الموقف، تكون مبنية على مجموعة من المعلومات الاستباقية، والتي تؤدي إلى اتخاذ القرار الأمني في حينه، قبل وصول المجموعات الإرهابية إلى مرحلة التنفيذ المادي للعملية الإرهابية.
عبدالحق الصنايبي يشرح تكتيكات الجماعات الإرهابية
هذه المعطيات والمؤشر الجديدة تبرز لنا كما يقول الخبير الصنايبي في الشؤون الاستراتيجية والأمنية: أنه لا يمكن القضاء 100% على الإرهاب والعنف من الناحية الواقعية والموضوعية.. فالتهديدات الأمنية تبقى مستمرة لكن بشكل أضعف.
وبالتالي وفي ظل هذه التغييرات في الأساليب والتكتيكات، عمدت المملكة نهج استراتيجية معالجة العوامل التي تدفع بالأفراد إلى (التعاطف ثم التبني ثم الانضمام إلى الجماعات والخلايا الإرهابية)، بنهج الإصلاح الشامل للحقل الديني باعتبار أن التطرف هو نتاج الفهم الديني الخاطئ.. فمتى تم إصلاح تدين الأفراد على مستوى الفكر، يتم أيضا إصلاح السلوك الديني لديهم.. وبتعبير آخر للدكتور الصنايبي؛ تتم مواجهة الفكر المتطرف الذي يبرر الإرهاب انخراطا أو تعاطفا.. مع أنه لا يكون ظاهرا في الصورة.
وفي هذا الإطار العام والشامل أيضا، أي في إطار مقاربة ما يسمى بمفهوم “الأمن الشامل”، نهج المغرب استراتيجية القضاء على الإرهاب من خلال القضاء على البيئة المنتجة والمصدرة للفرد الإرهابي المتطرف.. فعمد إلى مواجهة مجموعة من البنيات العقدية والفكرية لهاته التنظيمات.. من قبيل (الحاكمية والجاهلية والولاء والبراء إلخ)، من أجل تفكيك هذه البنيات والأسس العقدية والفكرية والفقهية.. التي تنبني عليها الأطروحة التكفيرية، وبالتالي التمكن من القضاء على القاعدة الفكرية للجماعات الإرهابية..
وذلك بالعمل على وضع قواعد فكرية.. مبنية على تقوية العقيدة الوطنية، وتبني نموذج التدين المعتل الوسطي والمتبصرإلخ.. وإعادة إصلاح الشأن الديني.. من خلال مجهودات الرابطة المحمدية للعلماء والمجالس العلمية، ومن خلال مجموعة من الورشات والإصدارات والمحاضرات، التي تحاول معالجة تلك المداخل الفكرية والعقدية والفقهية الضالة والمُضللة.. لتي ترتكز عليها التنظيمات الإرهابية..