تمغربيت:
الفرق بين المملكة المغربية كدولة مؤسسات.. وبين شبه دولة تحكمها عصابات وأجنحة عسكرية متصارعة، يتجلى في كثير من القضايا المحلية والإقليمية والدولية.. ولنضرب مثالا حول تحرك البلدين داخل الاتحاد الإفريقي:
فمنذ نصف قرن تقريبا، لم يكن لدى الجزائر سوى ملف واحد أحد لا شريك له، وهو ملف الصحراء الغربية المغربية، وما يتبعه من دعم للانفصال والحركات الإرهابية الانفصالية.. وشراء الدعم لأطروحتها بملايير الدولارات ووو.. غير مبالية لا بإفريقيا ولا بتنمية القارة.. ولا ببناء تحالفات تجارية واقتصادية بينية بالقارة السمراء، تعود بالنفع على القارة الغنية بثرواتها، والمُفَقَّرة من طرف النيوكوليانية الفرنسية.
كانت وما تزال، المملكة المغربية.. تقوم بتطهير البيت الإفريقي من الفساد والفاسدين، ومن الفوضى والعشوائية، التي عشعشت فيه منذ عقود.. داخل لجانه السياسية والاقتصادية والرياضية ووو، وتساهم في هيكلته مؤسساته.. وتقدم الخطط الاستراتيجية لنهضة “إفريقيا متضامنة” متشاركة فيما بينها.. في إطار تحالفات اقتصادية مبنية على القاعدة المغربية بامتياز “رابح رابح” والكل رابح ..
المغرب يقود مشروع قاري ضخم
وقد عاينا كيف أن المغرب قاد أحد أضخم المشاريع القارية والبين قارية: المتمثل في مشروع أنبوب الغاز نيجيريا-المغرب ذو الأهمية الاستراتيجية، لتزويد أوربا بالغاز؛ والرابط بين 13 دولة إفريقية بغرب إفريقيا من جهة و بين قارتين من جهة ثانية. (نيجيريا، بنين، توغو، غانا، ليبيريا، سيراليون، غينيا، غينيا بيساو، غامبيا، السنغال، موريتانيا والمغرب).
كما عاينا أيضا كيف يقود المغرب “منظمة حلف شمال الأطلسي الأفريقي OTAN africain” (1) : التي تم تأسيسها بالرباط عام 2022. وتنضوي تحت إطارها 21 دولة إفريقية تطل على المحيط الأطلسي هي:( المغرب، موريتانبا، نيجيريا، جنوب إفريقيا، الغابون، السنغال، غامبيا، سيراليون، بنين، الكونغو، الكاميرون، توغو، ليبريا، غانا، كوت دي فوار).. والتي تهدف إلى تعزيز التعاون الأمني بين الدول الإفريقية المطلة على المحيط الأطلسي، ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة، ضد أي عمل عسكري تتعرض له القارة وكذا الإرهاب والهجرة غير الشرعية.. ودعم الحوار السياسي والأمن والسلامة.. وإنشاء قوات تدخل سريع مشتركة ضد الإرهاب.. والاقتصاد الأزرق والاتصال .. والبيئة والطاقة.. وتامين أنبوب الغاز من نيجيريا إلى المغرب.
وعاينا كيف استطاع المغرب أن يقود تحالفات وشراكات إفريقية إفريقية خصوصا بالغرب الإفريقي، حيث بذلك مزاحمة الاستثمارات والشركات الفرنسية النيوكولنيانية المستغلة لثروات وشعوب إفريقيا، قبل أن يزيحها تدريجيا من الساحة الإفريقية، فحرر الأفارقة من التواجد الفرنسي بإفريقيا على مستويات عدة.. الأمر الذي أدى إلى الاستغناء عن فرنسا والتحرر من القبضة الفرنسية، فأصبحت الشعوب والأنظمة الإفريقية تثور ضد التواجد الاقتصادي والعسكري الفرنسي فتحررت منه كل من مالي وبوركينا فاسو وإفريقيا الوسطى والبنين ، وقريبا تشاد، فضلا عن رائد هذه المقاومة “ضد فرنسا anti française ” التي يقودها المغرب بكل احترافية أخرجت ماكرون وإعلامه الخبيث عن جادة العقل والصواب.
أمس الأحد شدد المغرب، بكيغالي، على ضرورة تسريع الإصلاح المؤسساتي للاتحاد الإفريقي، الذي لا يزال رهينا بالتنفيذ الفعال للخطة العشرية الثانية لأجندة 2063 للمنظمة الإفريقية.. وكذا “تسريع تنفيذ استراتيجيات وبرامج للتنمية تستهدف الأمن الغذائي والطاقي والصحي”.
فها هو المغرب إذا كمثال بسيط يقود الأفارقة الجدد والأحرار نحو رؤية 2063.. بينما أمام إفريقيا نموذج الجزائر الذي وقف بها الزمن في عام 1975 وهي تجتر نفس العبارات الفارغة ( تقرير المصير.. الصحراء الغربية.. بلابلابلا).. فماذا عسى الأفارقة يختارون؟ بلد يناقش المستقبل الاستراتيجي للقارة لعام 2063 أم يسمع لتراهات وشعارات 1975؟؟