تمغربيت:
ذكرنا في الحلقات السابقة أن سبب النزاع التاريخي، الذي لم ُيحل إلى يومنا، بل تفاقم إلى أبعد الحدود، هو ترسيم الحدود بين الجزائر والمغرب؛ فهو أساس كل العداوة الجزائرية hتجاه المغرب منذ 1963؛ وما نزاع الصحراء إلا فرع ونتاج له.. كما هو الحال بالنسبة للأزمة المُفتَعلة التي تزامنت مع جزائر ما بعد بوتفليقة (منذ 2019) مع الثنائي الكارثي “شنقريحة – تبون”.
عدو خارجي عقيدة عساكر فرنسا في الجزائر
فلو لم تجد الجزائر سببا في ملف الصحراء الغربية المغربية لافتعال أزمة وعداوة، لخلقت ملفات أخرى تحت دعايات ودعاوى أخرى وافتعلت أسبابا وأعذارا أخرى؛ للدخول مع المغرب في صراع وجودي، يساعد عسكرها في التحكم بالسلطة في الجزائر من جهة.. ويقيها مسائلة المغرب لنظامها حول صحرائه الشرقية المغربية.
في هذه الحلقة، وبخصوص هذه النقطة تحديدا، سوف نعرض لخريطة فرنسية، قبل 1962 طبعا، تظهر فيها الجزائر الفرنسية قبل ضم فرنسا لصحاري كل من المغرب وتونس وليبيا لجغرافيا الجزائر التي كانت تمثل فرنسا الإفريقية أو فرنسا شمال إفريقيا ..
أول شيء يثير انتباهنا في الخريطة هو عنوانها بالتأكيد : “إفريقيا الفرنسية – الجزائر .. Afrique Française – Algérie” .. وهو ما يذكره التاريخ؛ على أن جغرافيا الجزائر كانت تخضع لاستعمار استيطاني خالص، وقع في الجزائر ولم يقع في تونس شرقها ولا المملكة المغربية غربها، لعدم وجود دولة ولا أمة بهذه البقعة الجغرافية من إفريقيا.. لأن فرنسا ببساطة ورثتها عن الاحتلال التركي، باعتبارها القانوني كإيالة تركية، ليس إلا، تابعة للباب العالي بإسطنبول.. فلم تجد فوقها دولة ولا مَلكا أو سلطانا أو حاكما “جزائريا” ولا شعبا “جزائريا” موحدا يمثل أمة، ولا مؤسسات وإدارة و”مخزن” إن شئنا التعبير.. بل وجدت حاكما أو “دايا” تركيا (داي الحسين)، وجيشا انكشاريا تركيا (لم يقاوم أصلا بالمناسبة) ، وأتراكا في الحواضر وأهالي في الجبال والهوامش(أي السكان الأصليين اللي هوما الجزايريين)..
الخريطة الفرنسية تحمل اسم الإمبراطورية المغربية
على يسار الخريطة (الفرنسية) يشار إلى المغرب باسم: “إمبراطورية المغرب – Empire du Maroc” .. نعم إمبراطورية .. ومغربية .. ما كاين لا فاس ولا مكناس، لا مراكش ولا كازا .. لا ليوطي ولا ديغول .. إمبراطورية (tout court) انعام آ السي..
وعلى شرق الخريطة (الفرنسية) يشار إلى تونس باسم: “ولاية/إيالة/ وصاية تونس – Régence de Tunisie” .. (اختر الترجمة العربية اللي بغيت فكلها تفي بالغرض)
على اعتبار أن المغرب كان مملكة وإمبراطورية تمثل دولة أمة بسلطانها وعاصمتها ورايتها وجيشها وحدودها ومؤسساتها المدنية والدينية والعسكرية أو “مخزنها” باختصار إلخ إلخ ..
وعلى اعتبار أن تونس كانت من المماليك التابعة للباب العالي.
وعلى اعتبار أن الجزائر كانت مجرد جغرافيا لا تمثل لا دولة ولا شعب.. وهي أول من دخل إليها الاستعمار بكري ي ي ي ، وطبعا هي آخر من استقلت أو انفصلت بتقرير مصير .. وبالتالي شعارات “مكة الثوار” و”الشوووهاااضاااا” وبلابلابلا، لاوجود لها في التاريخ الأكاديمي المحقق والموثق.
أما جنوبا .. نعم نعم جنوبا، أي ما كان من صحاري تابعة للمغرب وبعضها لليبيا وبعضها لتونس، فالخريطة تسميه: “صحراء الصحراء الكبرى – Sahara du Grand Desert” .. ولم تشر إليه أنه تابع لفرنسا بل يحُدُّ فرنسا الإفريقية أو إفريقيا الفرنسية جنوبا..
هذه الصحراء الشاسعة توجد ضمنها: صحراء تونس .. وصحرائ حاسي مسعود الليبية .. و الصحراء الشرقية المغربية التي تضم أقاليم: توات .. القنادسة .. تندوف .. أدرار .. كورارا .. بشار .. عين صالح .. تيميمون إلخ إلخ ..