تمغربيت:
في عهد بن بلة/بومدين والحسن الثاني.. مر البَلدان بحرب الرمال التي وقعت في أكتوبر 1963، انتصر فيها الجيش المغربي على جيش الجزائر بمساعدة مصر وكوبا ووو.
لكن سرعان ما عادت المياه إلى مجاريها، بعد 6 سنين فقط (عام 1969)، وهي ذي السياسة الدولية فيها مد وزجر، وظاهر وباطن، ومصالح ونفاق، ومؤازرة وغدر، والتاريخ هو الكفيل بفضح مجموع هذه المواقف والحكم عليها وعلى أصحابها..
حرب الرمال كشفت ضعف النظام الجزائري
والقصة كما بدأت بهجوم للجيش الجزائري الغادر.. على جنود مغاربة بإحدى مواقع الحدود، رد عليها المغرب بتدخل عسكري حازم.. أرجع الجزائر إلى حجمها. فقد بدأت أولى خطوات المصالحة بمبادرة ملكية، وهي ذي سلوكيات وأخلاق وسياسة الملوك والسلاطين، الذين يدرسون السياسة والتاريخ والدين والأخلاق(منذ نعومة أظافرهم)، ويعتبرون بما تراكم من تجارب أجدادهم من السلالات التي حكمت الإمبراطورية الشريفة..
فقد استغل الحكيم الحسن الثاني.. انعقاد المؤتمر السابع لمنظمة الوحدة الإفريقية (الاتحاد الإفريقي بتسميته الحالية) بالجزائر في الفترة (13-16/ شتنبر 1968)، فشاركت المملكة المغربية بوفد مغربي عالي المستوى، وعلى رأسه الملك الحسن الثاني.. الأمر الذي شكل مبعث سرور وارتياح لدى الرئيس الجزائري، فكانت مناسبة للحوار بين الرجلين.. انتهت بدعوة الحكيم، للهواري بومدين لزيارة المغرب بدوره من أجل فتح صفحة جديدة والحوار حول الأمور العالقة بين البلدين، وهو ما حصل بالفعل فيما بعد،
وفي 12 يناير 1969 قام الرئيس الجزائري رفقة وزير الخارجية آنذاك عبد العزيز بوتفليقة بزيارة رسمية للمغرب، فاستقبله الملك في إفران (بعيدا عن العاصمة).. وبعد 3 أيام فقط “جاب الله التيسير”، فتم التوقيع على اتفاقية الصداقة وحسن الجوار بين البلدين في 15 يناير 1969.
عبر ودروس التاريخ
وفي مقارنة خفيفة بين الماضي والحاضر.. أخذا لعبر ودروس التاريخ، فإننا نقف على مفارقات عجيبة وغريبة.. غرابة هذا النظام الجزائري الحالي..
° ففي فترة توتر العلاقات الجزائرية المغربية (1963/1969)، على إثر حرب الرمال، كانت العلاقات شبه مقطوعة.. إذ بقيت سفارتي البلدين تشتغلان في كل من الرباط والجزائر العاصمة.. بينما الآن، وبدون حرب معلنة، اختار المعتوهون العسكريون قطع البر والبحر والجو والسفارات مع المغرب الجار!
° وفي أول مناسبة، تمكن الحكيم الحسن الثاني من استغلالها.. الأمر الذي رحب به بومدين أيضا.. بينما قرَّر المعتوهون هوووك حاليا أن يتخذوا “قرار اللا عودة” في إشارة مجنونة بأن لاعودة للعلاقات ورفض تام لأي وساطة أو حوار !
فليت مهابيل اليوم يعتبرون ولو بالقليل من السياسة والحكمة التي كان يمتلكها بومدين، رغم غدره ونفاقه ونكرانه للخير والجميل من صنيع المغاربة فيه وفي بلده في الضراء قبل السراء، على مستوى القصر كما على المستوى الشعبي.