تمغربيت:
في مثل هذا التاريخ: 16 شتنبر من عام 1959، ألقى الرئيس الفرنسي شارل ديغول خطابًا في مدينة الجزائر، أعلن فيه عن اعتراف فرنسا بحق الشعب الجزائري في تقرير مصيره. وهو تقرير مصير مشروط وملغوم، إذ كان متصلا اتصالا عضويا باتفاقيات إيفيان.. التي ستأتي فيما بعد، ولم يكن عفويا أوبريئا أبدا..
توقيع اتفاقيات إيفيان
للإشارة، فقد تم توقيع اتفاقيات إيفيان في 18 مارس 1962 في مدينة إيفيان/فرنسا، بين الحكومة الجزائرية المؤقتة.. وهي حكومة الظل التي شكلتها جبهة التحرير الوطني الجزائرية، وبين الحكومة الفرنسية. فكانت بمثابة نهاية لاستعمار فرنسي مباشر استمر لمدة 132 عامًا.
سياق موقف وخطاب ديغول التاريخي هذا.. يتمثل في كون شارل ديغول قد تولى رئاسة فرنسا عام 1958، في أعقاب أزمة السويس.. والتي أظهرت ضعف فرنسا على الساحة الدولية. فكان ديغول يدرك أن استمرار الحرب في الجزائر سيكون كارثيًا على فرنسا، من الناحية السياسية والاقتصادية والعسكرية.
وقد جاء في خطابه قوله: “أريد أن أقول للجزائريين، إني أفهم رغبتكم في تقرير مصيركم. وسأحترم هذه الرغبة، مهما كانت النتيجة.” لكنه وكما خطط للأمر، ففي السنوات التالية.. قاد ديغول مفاوضات مع قادة الثورة الجزائرية، أفضت إلى اتفاقيات إيفيان.. التي نصت على بنود مجحفة تروم استمرار استعمار الجزائر مقابل انفصالها عن فرنسا.
من بينها على سبيل المثال لا الحصر:
° استغلال البترول الجزائري: حيث نصت الاتفاقيات على أن تتمتع فرنسا بحق الامتياز في استغلال البترول الجزائري لمدة 25 عامًا.
° إجراء فرنسا لتجارب نووية سرية في الصحراء الجزائرية بين عامي 1966 و1978. وقد تم إجراء هذه التجارب في مواقع مختلفة منها منطقة عين صالح( موقع ناموس B2)، و منطقة رقان.
نشير في هذا المقام إلى وجود، كثير من الجدل حول التواريخ الخاصة بإجراء هذه التجارب النووية، حيث اعترفت فرنسا مؤخرًا بإجراء تجارب نووية سرية في الصحراء الجزائرية بين عامي 1966 و1978. بعدما كانت تقر بأن كل تجاربها قامت بها قبل 1966 فقط.. كما أكد عمار منصوري، رئيس مركز الأبحاث النووية في الجزائر، في ندوة دولية حول التجارب النووية الفرنسية في الصحراء الجزائرية، أقيمت في الجزائر العاصمة في عام 2019.. أن التجارب النووية الفرنسية استمرت إلى حدود عام 1986 في عهد الرئيس الجزائري الشاذلي بن جديد. وقد قال منصوري إن فرنسا أجرت تجارب نووية باطنية في الصحراء الجزائرية، باستخدام آبار النفط والمياه الجوفية.
(يتبع)
في الحلقة القادمة: خطاب شارل ديغول التاريخي باللغتين العربية والفرنسية بتاريخ: 16 شتنبر 1959، معلنا فيه عن اعتراف فرنسا بحق الشعب الجزائري في تقرير مصيره.