تمغربيت:
تمهيد قبل الانتقال إلى قصة الأمير عمر بن أبي بكر اللمتوني..
بعدما خصصنا مقالات تحكي وتسرد لفترات ذهبية وبطولية من تاريخ الإمبراطورية المغربية الشريفة بصفة عامة.. ودورها الحاسم في الأندلس لؤلؤة المغرب الإسلامي بصفة خاصة.. وكيف استأسد فيها أجدادنا رحمهم الله وأسسوا لحضارة لا تزال حديث العامة والخاصة والبيوت والجامعات.. اليوم نأخذكم إلى جوانب أخرى من تاريخنا العظيم.
هذه الحلقات الغرض منها نفض الغبار عن شخصية مغربية، قلما أنجبت الامة مثلها.. ولربما أغلب الناس لم يسمعوا به، ولا بفضله على الأمة الإسلامية جمعاء، في اعتناق ما يقارب 15 دولة من غرب إفريقيا الإسلام.
عمر بن أبي بكر اللمتوني أمير دولة المرابطين
هو عمر بن ابي بكر اللمتوني أمير دولة المرابطين، بعد أخيه الأمير بن يحيى اللمتوني.. عُرف بعدله وزهده وأخلاقه وحبه للخير وناصر لدين الله.
بدأت قصة هذا الأمير المغربي بعد سماعه بنشوب نزاعات بين قبائل الأمازيغ.. فسارع إليها تاركاً الزعامة لابن عمه الأمير يوسف بن تاشفين.. فقصد منطقة النزاع فتوفق عمر بن أبي بكر اللمتوني في إخماد نار الفتنة فوحد القلوب واصلح النفوس بين هذه القبائل.
التوجه نحو إفريقيا
قرر عمر بن أبي بكر اللمتوني التوجه نحو غرب إفريقيا، رفقة ما يقارب سبع آلاف من خيرة فرسان المرابطين.. ليصدم من هول ما تعيشه شعوب وقبائل غرب إفريقيا.. فقد وجدهم يعبدون الشمس والأصنام والحجر، ووجد دولاً تعيش في ظلمات جهل والجاهلية.. فأخدهم باللين وحسن الكلام فنشر الإسلام في معظم دول غرب إفريقيا، إلا دولا قليلة قرروا محاربته.. فكان سيفه كلمة حق في نشر الدعوة الصحيحة.
عودة قصيرة للعاصمة السياسية مراكش
وبعد صولات وجولات في إفريقيا قرر أبو بكر بن عمر اللمتوني الرجوع إلى المغرب.. ليجد يوسف بن تاشفين ذلك الفتى الذي جعله أميراً على جماعة المرابطين.. قد أصبح أميرا للمسلمين لدولة يُقام لها ويقعد، ووجده قد توفق في الجمع بين الشؤون الدينية والسياسية.. وشيد عاصمة غاية في الجمال سماها مراكش.
فقد كان إسم ابن تاشفين على ألسنة الناس بعد انتصاره في معركة الزلاقة.. وقهره للقشتاليين بزعامة أدفونش السادس.. ووحد الأندلس تحت رايته وهو من جعل للأندلس الشرف أن تحكم بأحكامه من عاصمته ودار ملكه مراكش.. بعدما قضى على ملوك الطوائف.
أمام هذا الواقع الجديد سيقول أبو بكر بن عمر اللمتوني قولته الشهيرة لأمير المسلمين يوسف بن تاشفين: “أنت أحق بالحكم مني تستطيع أن تجمع الناس، وتملك البلاد أما أنا فقد ذقت حلاوة دخول الناس في الإسلام، فسأعود مرة أخرى إلى أدغال إفريقيا أدعو إلى الله هناك”.
وبعدما اطمئن لحكم المغرب وحاله وأحوله، شد الرحال الأمير عمر بن أبي بكر صوب الجنوب من جديد.. وفتح ما يزيد عن 15 دولة في غرب إفريقيا إلى أن أستشهد وهو على صهوة جواده.. مسطراً على تاريخ من ذهب.
هكذا نكون قد أجبنا على سؤال.. لطالما تبادر للأذهان وهو لماذا الإسلام منتشر في غرب إفريقيا بشكل أكبر منه في شرقها..؟ مع العلم أن شرق إفريقيا أقرب بكثير إلى مركز الجزيرة ومهبط الوحي.. فتدبر أيها اللبيب.