تمغربيت:
ما قصة النظام الجزائري مع (مبدأ) أو (ورقة) تقرير المصير.. ولماذا هذا الارتباط إلى درجة الرِّباط المقدس مع هذه الورقة التي أعطاها العسكر الجزائري كل جهده.. وبذل لها المال والوقت والاقتصاد والدبلوماسية.
ومع التسليم بأن دعم الجزائر للحكم الذاتي في الصحراء الغربية المغربية ما هو إلا “قشة” تعلق بها جنرالات الجزائر.. فإن ذلك لا يسقط من التحليل بأن الجزائر ارتبط تواجدها المادي والسياسي بتقرير المصير. وبأنها تدين بالفضل لهذا المبدأ في وجودها وتواجدها واستمرارها.
في هذا السياق، تعتبر الجارة الشرقية منتوجا خالصا لمبدأ تقرير المصير.. مع استثناء واحد ووحيد وأوحد، وتكاد لا تجد له مثيل في جميع دول العالم الأول والثاني والثالث وحتى الرابع. هذا الاستثناء يكمن في أن الشعب الفرنسي هو من وافق (أولا وأخيرا) على منح الجزائريين هذا الحق.. من خلال الاستفتاء الأول الذي جرى في فرنسا بتاريخ 8 يناير 1961م والذي سمح من خلاله الفرنسيون بممارسة هذا التعبير الشعبي في الجزائر.. ثم استفتاء 8 أبريل 1962 حينما وافق الفرنسيون على مخرجات اتفاقيات إيفيان السرية.. ثم جاء الدور على الجزائريين للتصويت على مخرجات نفس الاتفاقية بتاريخ 1 يوليوز 1962 وذلك دون حتى الاطلاع على مضامينها.. فلا تستغرب ولا تتعجب فهذا حال من لا تاريخ ولا جغرافيا ولا سيادة له.. فهو يقبل أي شيء وبعض الشيء وحتى لا شيء.
هو إذا تقرير المصير الذي ارتبط بميلاد كائن مشوه جغرافيا ومزور قانونيا ومجهول عمليا.. حتى أن القوم يدعون الكبر والقوة والعظمة معه أنه ولا جزائري واحد يملك وثيقة إيفيان ولا حتى وزارة الخارجية الجزائرية أو قصر الرئاسة أو ثكنات بن عكنون.
ولعل الدليل الواحد على استقلال الجزائر هو بعض الصور التي وثقتها عدسات الكاميرات “الفرنسية’.. حيث الناس يتوافدون على مراكز الاستفتاء من أجل التصويت على المجهول.. على الفراغ.. وعلى العدم.