تمغربيت:
عرف المغرب على غرار العالم الإسلامي نهاية القرن 19 وبداية القرن 20 صدمات وارتدادات.. مع أول لقاء واحتكاك ومواجهة مع الحضارة الغربية الوافدة من أوربا المستعمِرة (المغرب والعالم الإسلامي أيضا، في حالة ضعف ووهن)..
فكان لاحتكاك المغرب بأوربا تلاقح وتأثر بجوانب شتى من نواحي الحياة.. سواء تعلق الأمر بالأفكار والنظريات أو نمط الاقتصاد الجديد أو ما يتعلق بمجالات الفنون من موسيقى ورسم ونحت ومسرح إلخ.
ومن جميل المواقف، أن المغاربة استخدموا ما جدَّ من معارف وفنون ورياضة وأدب وافدٍ من الغرب.. كوسائل للمقاومة الشاملة ضد الانتداب والاستعمار.. فكانت لفرق رياضية مغربية عريقة نصيب في المقاومة، كما كان للرواية والأدب والشعر والكتابة نصيب أيضا، كما كان الحال بالنسبة للمسرح الناشئ..
وفي هذا الصدد، نشير إلى كتاب “المسرح المغربي قبل الاستقلال” لمؤلفه الباحث مصطفى بغداد كمثال على هذا النوع من الفن الذي استخدمه المغاربة في مقاومة التواجد الفرنسي بالمغرب.
في هذا المؤلف، نقف أيضا على رفض فئة من الفقهاء آنذاك في المغرب، على غرار ما كان مشهورا في المشرق أيضا، للمسرح والتمثيل، كما هو الحال إزاء الرسم والنحت إلخ..
فمنهم من أفتى ومنهم من كتب ونشر في الموضوع، على اعتبار أن هذه الفنون “الدخيلة” من المحظورات والمحرمات بل كما قال مصطفى بغداد: “لم يترددوا في تكفير أعمال المسرحيين والفنانين، مما كان يسبب بلبلة، ويعرقل في كثير من الحالات مسيرة الفنانين”.
طبعا، فيما بعد لم يعد لهذا النفور بين الفقيه والفنون وجود.. وأعقبه زمن وقع فيه تصالح واستيعاب من طرف الفقهاء للفنون ودورها النبيل في المقاومة والنهوض بالمجتمع.
ولا يمكن بأي حال نفي دور الفنانين المغاربة والمشارقة في استنهاض الهمم والذود على حمى الوطن.. كما لا يمكن إنكار الدور الريادي والقيادي الذي لعبه الفقهاء والعلماء المغاربة والمشارقة في مقاومة الاستعمار.