تمغربيت:
البيعة أخذ وعطاء..
..والبيعة والمبايعة هي الطاعة نفسها، يقال بايعوا على الأمر أي اتفقوا عليه، وبايعوه على الأمر أي عاهدوه. وقد عرفها ابن خلدون « أنها العهد على الطاعة». وجدير بالذكر أن الملك الحسن الثاني رحمه الله حددها بقوله : ” إن البيعة أخذ وعطاء والتزام متبادل.. يعبر عن تعلق القاعدة بالقمة.. والقمة بالقاعدة على حد سواء”.
البيعة تجمع بين البعد الديني والسياسي..
من هذا المنطلق يمكن القول إن البيعة تجمع بين البعدين الديني والسياسي، ومن التقاء هاذين البعدين الهامين انبثقت الدولة الإسلامية. وإنه من فضل الله تعالى ومنه على الدولة المغربية أن حافظت على هذا النظام الإسلامي السياسي في جميع عهودها. فكانت البيعة وما تزال هي ركنها الأساس، وأساس الدستور المغربي، بل إن عقد البيعة في حد ذاته يعتبر نصا دستوريا، ذلك أن البيعة هي أساس شرعية الملك مما يجعل ارتباط البيعة بالدستور ارتباطا عضويا وقويا، ذلك أن الملك المبايع يحتفظ من خلال الدستور بسلطات تضمن له الوفاء بجوهر ما يلتزم به من خلال البيعة. ومن هذا المنظور، تبرز أهمية إمارة المؤمنين.
وقد ظلت البيعة رمزا للوحدة وجمعا لكلمة الأمة وتحقيقا للأمن في جميع ربوع المملكة. فالبيعة من هذا المنظور ومن خلال ممارستها هي أصرة بين الملك وبين الأمة.
ونظرا لكون البيعة أحد الأسس الجوهرية التي يقوم عليها الحكم في المغرب، فإن نشر نصوصها يعتبر فرصة للتأمل في نظام الحكم المغربي القائم على البيعة التي تحدد العلاقة القائمة بين الإمام والأمة، وتضبط التعهد المتبادل بين حقوق الإمام والتزاماته، وبين حقوق الأمة وواجباتها.
من هذا المنطلق فالحكم من خلال البيعة ليس له طبيعة تيوقراطية، بل هو أقرب في التصريف العلمي من المعنى الديمقراطي. وهنا أفتح قوسا للدعوة لتجنب ترجمة البيعة ترجمة حرفية لكلمة Allégeance التي تبتعد في حمولتها الدلالية عن المعنى الديني والتعاقدي الممارس في المغرب.. وهو ما يدعونا لإعادة التفكير في الأدبيات السياسية لإنتاج الخطاب السياسي الملائم لممارستنا المغربية، بعيدا عن أي نقل أو تحريف.