تمغربيت:
اختلاف وجدل ولغط كبير أثير في مواقع السوشيال ميديا مؤخرا، يدور حول، ظهور مقطع فيديو وصور “للداعية” عمرو خالد.. وهو يحتفلُ مع أسرتِه بتخرّج ابنه من جامعة بريطانية، (وليس من جامعة مصرية أو ماليزية أو الأزهر الشريف إلخ)..
والجدل قام حول شخص عمرو خالد، واتجاه وتوجه دعوته من خلال مواعظه الدينية “العصرية”.. والذي اشتهر قبل عقدين باعتباره نموذجا لجيل جديد من “دعاة الفضائيات” أو “الدعاة الجدد”..
الانجرار وراء المصطلح
طبعا لا يتعلق الأمر بظاهرة عمرو خالد لوحده بل بثلة من الوجوه الأخرى، انتسبت لتيارات بعينها.. وهي من تكفلت وتكلفت بتمويله/هم الترويج له/لهم ولدعواتهم أو خطاباتهم “العصرية”.. بل وللترويج للمصطلح نفسه.. بحيث أصبح مصطلح “داعية” أو “داعية عصري moderne” يمنح بلا قيود، من طرف هذه الجهات الكبيرة كتنظيمات ومؤسسات مالية وإعلامية ضخمة، لوجوه جديدة لا تمثل بالضرورة دعوة ودعاة بما يدل عليه المصطلح..
فالكثير منهم استغنى غناء فاحشا من خلال دعوة الفضائيات الجديدة سواء كانوا محسوبين على هذا التيار أو ذاك.. والظاهرة اشتهر بها مصريون ومشارقة، وتيارات وتنظيمات “إسلامية” مشرقية تحديدا.. اعتمدت أساسا على “المنظر الأنيق” من الوجه واللحية إلى اللباس العصري.. كما اعتمدت الأسلوب العصري السهل والمرح والميسر ووو واللغة والثقافة الجديدة التي تتشكل مما هو عربي وإنجليزي..
والظاهرة تميزت بخطاب “الأسلمة” في جميع مناحي الحياة والمعارف والعلوم حتى.. بحيث يتم الحديث والتوجيه والدعوة لنمط حياة “إسلامية” وحتى لعلوم “إسلامية” لتشكيل شخصية ومجتمع “إسلامي” على نمط معين ومحدد.. فضلا على أن كلمة “إسلامية” لا تحيل المدعو والمتابع والمشاهد ل” الإسلام كدين” بقدر ما تحيل على إيديولوجيا معينة تدعو إلى نمط إسلامي بمعيار إيديولوجي معين (سلفي كان أو إخواني إلخ)
ظاهرة تدعو إلى “اللباس الإسلامي” و”علم التاريخ الإسلامي” و”المعرفة الإسلامية”، بالمعيار والمقاس والتوجه الإخواني بعينه أو التوجه السلفي المشرقي بعينه أو غيرها من التيارات بعينها وما أكثرها بالمشرق العربي..
ظاهرة لم تستطع الصمود
هذه الظاهرة، التي لم تمس عمق الإسلام وعمق الدعوة الإسلامية والخطاب الإسلامي المتناغم مع ثوابت الأمة الذي تجذر وتراكم عبر قرون من الزمن ومن التكيف مع الثقافة والجغرافيا والأعراف البشرية بالعالم العربي.. كانت ظاهرة هشة وسطحية، بحيث لم تستطع الصمود، أمام أول محطة عرفها العالم العربي في وقتها.. ألا وهي محنة أو مأزق أو فوضى ما سمي ب “الربيع العربي”.. فحصل نوع من التعرية لعدد من هذه النماذج “الدعوية الفضائية العصرية” التي انفضح ارتباطها بهذا التنظيم أو ذاك التيار أو تلك الدولة إلخ
موضة عابرة
لقد مرت هذه الظاهرة “كموضة” عابرة.. فلا مجال ولا جدوى للوم النفوس أو لوم الظاهرة أو لوم هذا “الداعية أو العالم”.. بل على الشباب تحصين أنفسهم بالوعي وامتلاك أدوات المعرفة والنقد عوض الانجرار وراء أية موضة جديدة أو “داعية” جديد أو خطاب براق..