تمغربيت:
تواصل الدكتورة بهيجة سيمة مديرة الأرشيف الملكي التأصيل لمفاهيم البيعة ودورها المؤسساتي والبنيوي في المغرب..
تتمة..
وتكرِّم البيعة آل البيت وتجعلهم أهلا للملك والخلافة كما جاء في ديباجة إحدى البيعات.. «أجرى اللّه الأقدار على حسب ما اقتضاه حكمه وعدله. وأطلع الملك في فلك الشرف شمسا لائحة الأنوار، وفرع من دوحة النبوة فروعا طيبة شامخة القدر والمقدار. اصطفى من عالم الكون قريشا، واصطفى من قريش بني هاشم وآتاهم الملك والحكمة. والله يوتي ملكه من يشاء».
البيعة.. من أهم ركائز الاستقرار والسلم
وتربط نصوص البيعات الملك بالاستقرار، حيث لا تخلو نصوصها من التركيز على هذه الفكرة معتبرة أن «من رحمة الله نصب الملوك لأنهم يمهدون الطريق للسير والسلوك لأنه لو ترك الناس فوضى لأكل بعضهم بعضا» لقول الشاعر :
لولا الخلافة لم تأمن لنا سبل // وكان أضعفنا نهبا لأقوانا.
ويقول ﷺ في هذا الباب : « إذا مررتم بأرض ليس فيها سلطان فلا تدخلوها، إنما السلطان ظل الله ورمحه في الأرض».
وتبين نصوص هذه البيعات أن المبايعة مؤسسة تقوم على التعاقد الأساسي بين الحاكم والمحكوم، بما يحمل هذا العقد الشرعي من معاني السيادة السياسية والقانونية. فإذا انعقدت البيعة ترتبت عليها واجبات وشروط أهمها حفظ الدين وتنفيذ الأحكام وحفظ الأعراض وتحقيق الأمن والدفاع عن العباد والبلاد وتحصين الثغور. ويصبح بذلك السلطان أو الملك مسؤولا عن حماية المواطنين المبايعين والدفاع عن حوزة البلاد التي يسكنونها، وأن يقوم على أمرهم وأمر دينهم، حسب ما يفرضه كتاب الله وسنة نبيه وبذلك تتحقق سيادته الشاملة وتنتشر سلطته على جميع ربوع المملكة. «فبالإمام تحترم المحارم وتدفع بوجوده الجرائم وترفع بهيبته المظالم وتعلو بكلمته للدين مشاهد ومعالم، وتأمن به الطرقات من خوف الطارق».
وفي المقابل، تفرض البيعة واجبات على الأمة بالسمع والطاعة باعتبار طاعة أولي الأمر واجبا شرعيا. حيث يرد في نفس النص ما يأتي : « وطاعته واجبة على جميع المسلمين محتما وجنابه الجليل حقيق بأن يكون محترما معظما ». وأحيانا أخرى يحال على التعاقد بالصيغة الآتية : «فانعقدت بحمد الله مؤسسة على التقوى واشتد بها عضد الإسلام وتقوى، بيعة تامة محكمة الشروط وفية العهود وثيقة الربوط، جارية على سنن السنة والجماعة سالمة من كل كلفة ومشقة وتباعة، رضي الكل بها وارتضاها والتزم حكمها بالسمع والطاعة».