تمغربيت:
تعتبر فاس واحدة من أعرق المدن المغربية والإسلامية على الاطلاق، لِم لها من تاريخ كُتبت حروفه بمداد من ذهب.. مدينة تأسست عليها أقدم جامعة في العالم، والتي كانت قاعدة وروح الخلافة الإسلامية في الإمبراطورية المغربية الشريفة.
في هذا السياق، تم وضع أولى لبنات جامعة القرويين سنة 859م، حين أمر إدريس بن داوود ببناء جامع القرويين حسب اللوحة الخشبية التي فصلنا فيها في مقالة سابقة، وتمت توسعته في عهد المرابطين، حيث تفننوا في وضع الأقواس والقباب المرابطية الفريدة والنقوش المغربية البديعة لآيات كريمة وأدعية، كما أبدعوا في منبر جامع القرويين والذي لازال حاضرا شاهدا إلى يومنا هذا، أما الموحدين فقد اختصوا في الثرايات، والتي لها قصة بمعنى عميق، فقد كانوا بعد انتصارهم في معاركهم ضد المسيحيين يأخذون أجراس الكنائس النحاسية الضحمة ويحولونها إلى ثريات تضيء جنبات جامع القرويين العريق.
ونظراً لاهتمامهم بالعلوم الثقافة والدين قام المرينيون بإضافة الكراسي العلمية والمكتبة القروية والخصة الكبرى.. كما أجمع المختصون أن الزليج يعود للعهد المريني، وقام السعديين ببناء أجنحة الوضوء التي تحمل شكل هندسي مغربي ونقوش جبصية دقيقة تلخص قرون من التراث والمعمار والهندسة، فالعقل المغربي يمزج أبسط المواد.. خشب وجبص وطين ويعطينا لوحة أقرب للخيال منها للواقع.
لقد ساهمت السلالات التي تعاقبت على حكم أرض المغرب في إضافة لمستها الخاصة على جامع القرويين.. لتصنع لنا تحفة معمارية مغربية. ليكون لسلاطين الدولة العلوية الدور الكبير في العناية بها والحفاظ عليها لما لها من رمزية دينية وعلمية وثقافية.