تمغربيت:
في مقالة سابقة كنا قد تطرقنا لمدرسة بن يوسف بمدينة مراكش، كما أبرزنا كذلك على الدور الذي لعبه بنو مرين في الحفاظ على علوم الاندلس وتأخير سقوطها.
أسس عبد الحق بن الأمير مْحِّيو دولة بني مرين على أرض المغرب سنة 1244م، حيث ولد بمدينة كرسيف شرق المغرب.. واتخذ فاس العريقة عاصمة لدولته، ولابد أن اختياره للمدينة العلمية فاس، يعكس شخصية السلطان عبد الحق الأول الملمة بالعلوم والثقافة التراث والمعمار.
في ذلك الزمان، قام سلاطين الدولة المرينية، ببناء عدة مدارس لصقل تلك العلوم ولتقوية الجبهة الداخلية، وإحياء الإشعاع الروحي، وإعادة هيبة اسم المغرب في شمال إفريقيا والأندلس.. باعتبار حاكم المغرب هو خليفة المسلمين في الغرب الإسلامي، بما فيها الأندلس. فقاموا ببناء عدة مدارس منها مدرسة العطارين بمدينة فاس.. التي بنيت ما بين 1323 و 1325 على يد السلطان أبو سعد عثمان المريني، والتي تعتبر معلمة وتحفة معمارية فريدة، بمقومات تفوق أقوى الدول في العالم آنذاك.
داخل رحاب المدرسة تم تشييد الحي الجامعي، وهو عبارة عن 30 حجرة، وتتسع ل 60 طالب “لمْدَرْسِي” (وهو الاسم الذي يطلق على الطالب الذي يسكن بها)، حيث توفر له أرقى وأفخم وسائل الراحة النفسية من هدوء وسكنية وراحة بصرية من نقوش وزليج وزخارف.
لقد قامت دولة بنو مرين على أسس قوية، تمثلت في دراسة شاملة للعلوم الإسلامية وإحياء المذهب المالكي وكذا اهتمامهم بالثقافة والتراث.. أما العمران فقد عرف إتقان وتغيير لافت في العصر المريني.