تمغربيت:
لا انتقائية في العقائد، فكل القضايا العادلة قضايا عقدية، والمصالح المشروعة للعباد قضايا عقدية.. وحدود الدول بما يضمن حقوقها واستقرارها قضايا عقدية؛ فلماذا الانتقائية في العقائد؟!
إن هذه الانتقائية مفروضة إيديولوجيا، تخدم أجندات أجنبية بوعي أو بغير وعي من أصحابها.. وتستغل العقيدة للدفاع عن موقف جيوسياسي ليس هو الموقف المغربي، تدافع عن مصلحة عينية ملموسة والشعاراتُ مِطواعة شتى.
حب الوطن عقيدة
أما العقيدة فتُقرّر: “إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا” (حديث قدسي)، “كل الأرض لله” (“ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها”/ سورة النساء، الآية 97).. و”ابتغاء الشهادة في الدفاع عن الوطن” (حديث: “من قُتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون أهله وهو شهيد” (رواه أبو داود، حديث حسن صحيح)؛ فكيف بالوطن، وهو وعاؤها جميعا؟!).
كل الأرض لله، بما فيها الصحراء المغربية؛ وللمغرب حق فيها بمنطق الدين والتاريخ والقانون.. من اعتدى عليه فقد اقترف حراما ومنكرا وظلما؛ والدفاع عن مغربية الصحراء واجب شعب بأمر الدولة وحسب تقديرها، ومن قضى نحبه في ذلك فهو شهيد.
لا تستمد الأرض قيمتها العقدية من ظاهر نص في الدين، بل من قراءة أعمق لهذا الظاهر. أي بالكشف عن نوع من العلاقة بين الإنسان والأرض تحته.. فإذا كانت هذه الأرض تطلب الاسترداد، وإذا كانت ممرّا يوحد شرق الأمة بغربها، وإذا كانت موقعا استراتيجيا؛ فإنها تصبح أرضا مقدسة، ويصبح الدفاع عنها قضية عقدية.
كذلك هي الصحراء المغربية، كانت تطلب الاسترداد فاستردها المغرب على فترات، إلى أن تقررت “المسيرة الخضراء” (1975) ملحمة الاسترداد الكبرى.. وإنّ التفريط فيها -أي في الصحراء- فمنكر كبير لا يجوز قطعا، ومن ساهم فيه فقد اقترف ظلما كبيرا وإثما مبينا، خائن لنفسه ودينه قبل أن يخون وطنه.
الصحراء المغربية.. صلة الربط بين المغرب وعمقه الإفريقي
وهي بالنسبة للمغاربة موقع استراتيجي، يربط دولتهم بعمقها الإفريقي، ويجعل منها جسرا للاقتصاد والخبرة بين شمال العالم وجنوبه؛ وكذلك هي بالنسبة للوطن العربي والإسلامي أجمع، وبالنسبة للعالم ككل؛ انتشار الفوضى فيها خطر ومصدر فتنة، ولا تحكمها وتنظم شؤونها إلا دولة ذات سيادة، هي المغرب بحجة الدين والتاريخ والقانون.
إنها قضية عقدية، يجب أن يدافع عن مغربيتها المسلمون جميعا؛ وهي قضية إنسانية، يجب الدفاع عن مغربيتها عالميا. فلماذا الانتقائية في القضايا العقدية والإنسانية؟!