تمغربيت:
نُسب عند أحد الباحثين قرار إحداث الراية المغربية إلى الجنرال ليوطي.. مبررا ذلك بكون جميع القرارات تصدر عن الإقامة العامة، وأن مهمة السلطان تقف حد المصادقة عليها. غير أننا نستبعد هذا التأويل كل الاستبعاد، وذلك بناء على مجموعة من المعطيات على رأسها أن الغاية من استعمال الراية هو جمع الشمل وتوحيد الكلمة.. باعتبارها الرمز الذي يلاذ به ويحتمى. فهي من بين الوسائل الأساسية التي تؤكد أو تنفي شمول سيادة الدولة على كل الأقاليم التابعة لها. فإذا رفعت ترفع الرؤوس وتستنهض الهمم. وإذا كانت ماديا مجرد قطعة قماش محددة المقياس واللون، فهي في الواقع ثقيلة الرمزية، لها هيبة في القلوب وتأثير على العواطف. وقد سجل التاريخ نماذج من قصص بطولية روت كيف كان الأبطال يدافعون على الراية في قلب المعارك مفضلين أن تتهاوى أجسادهم لتظل الراية مرفوعة.
لا يمكن لمقيم عام أن يأتي بفكرة إحداث العلم
انطلاقا من هذه الاعتبارات، لا يمكن لمقيم عام أن يأتي بفكرة إحداث علم.. إنما كان الأمر صادرا عن قناعة السلطان مولاي يوسف الذي كان يومها يراهن على ترسيخ دواليب الحكم الشرعي والمحافظة على الدولة المغربية، وعلى الوضعية الدينية وحرمة السلطان وشرفه ومكانته.. وتطبيق مبادئ الدين الإسلامي وصون المؤسسات الإسلامية، وفق ما جاء في الفصل الأول من معاهدة الحماية. هذا في وقت كانت فيه الإقامة العامة لا زالت تحترم بنود هذه المعاهدة.. وهو الموقف الذي ميز ليوطي عن غيره من المقيمين العامين
إحداث العلم الوطني وسياقات الحرب العالمية الاولى
وعلى واجهة أخرى جاء قرار السلطان مولاي يوسف بإحداث علم مغربي.. في زمن انخرط فيه المغرب إلى جانب فرنسا في الحرب العالمية الأولى.. مما استوجب خلق فيالق عسكرية مغربية متميزة ببنود. فجاءت الظرفية مناسبة لإعادة النظر في العلم المغربي وأصدر السلطان، بعد مشاورة أهل الحل والعقد، الظهير الشريف الذي يحدث راية جديدة ويحدد العناصر المكونة لها.
في هذا الصدد، تفيد قراءة في نص هذا الظهير أن القرار جاء مستجيبا لمجموعة من المتطلبات التي فرضتها الظرفية.. وهو ما هدف إليه السلطان من خلال ديباجة الظهير التي جاءت عبارة عن دواعي إحداث العلم. كما تفيد هذه الديباجة في الإحالة على راية الأسلاف، وهو ما يؤكد أن الراية المغربية لها تاريخ يرتبط بتاريخ الدولة المغربية العتيدة ومنه استمدت الراية المغربية رمزيتها وألوانها.. يتبع