تمغربيت:
حكاية العلم الوطني
سيعرف تاريخ الراية مرحلة جديدة إثر التطورات التي عرفها المغرب خلال القرن التاسع عشر.. وذلك بعد احتلال فرنسا للجزائر سنة 1830 وتزايد التنافس الاستعماري على المغرب.. البلد الوحيد في العالم العربي الذي تمكن من الانفلات من الاحتلال التركي.. وأصبح لزاما عليه صد الغزو الأجنبي وحماية الوحدة الترابية. فاختار السلطان مولاي الحسن الأول اللون الأحمر للراية، باعتباره رمزا للقوة، وهو السلطان الذي اشتهر بأن عرشه كان على صهوة جواده، لما عرف به من حركات من أجل تفقد أحوال البلاد وصد أي محاولة للتدخل الأجنبي.
ومن المعلوم أن الراية، وكانت تسمى أيضا السنجق، تعتبر واحدة من شارات الملك وأحد مظاهر السيادة. وتحتفظ مديرية الوثائق الملكية بعدد من الوثائق التي تتحدث عن “سنجق المخزن” وعن وجود فرق مكلفة بإطلاع السنجق. وقد استعملت الراية المغربية لتأكيد سيادة المغرب على جزيرة تورة (أو جزيرة المعدنوس) في القرن التاسع عشر.
وقد كان للسلطان مولاي الحسن اهتمام خاص بالراية و بالألوية.. وكانت مهارة الصانع المغربي تتفنن في انتقاء ألوانها والحرص على تناسقها وإتقان زخرفتها. كما يظهر ذلك من خلال هذا النص:
وفي بداية القرن العشرين، وبعد فرض الحماية الفرنسية على المغرب، كثرت السفن الأجنبية الحاملة للرايات والأعلام البحرية فكان من الطبيعي أن يحرص المغرب على أن يكون له علم متميز يؤلفه وفق ما يتصل بتاريخه وبيئته وعقيدته.
وهكذا أصدر السلطان مولاي يوسف بتاريخ 17 توتير 1915 ظهيرا في تمييز الراية المغربية جاء فيه: يعلم من كتابنا هذا أسمى الله مقداره، وجعل على مركز اليمن والسعادة مداره، أنه نظرا لترقي أمور مملكتنا الشريفة وانتشار ألوية مجدها وفخارها ولما اقتضته الأحوال من تخصيصها براية تميزها عن غيرها من بقية الممالك وحيث كانت راية أسلافنا المقدسين تشبه بعض الرايات وخصوصا المستعملة في الإشارات البحرية، اقتضى نظرنا الشريف تمييز رايتنا السعيدة بجعل الخاتم السليماني المخمس في وسطها باللون الأخضر راجين من الله سبحانه أن يبقيها خافقة برياح السعد والإقبال في الحال والمال. آمين والسلام”.