تمغربيت:
الاتفاقيات الفرنسية البينية قبل الحماية بالمغرب
المغرب، لمن لا يعرف، خضع لوصاية دولية (1).. وانتداب فرنسي (2)، وانتداب إسباني (3) في نفس الوقت.. وكان عليه وما يزال، أن يحرر كل شبر من ترابه.. ضد كل هذه القوى العظمى، لوحده بعد قوة الله وقدرته..
لا كما حصل مثلا مثلا للجزائر، حيث تلقت المساعدات من كل جهة، من المغرب وتونس وعبد الناصر وروسيا ووو لتخرج في الأخير بانفصال مشروط (من استعمار واحد فقط).. على مقاس اتفاقيات إيفيان المُخزية، وبدون وثيقة استقلال حتى، بل وبدون جماجم حتى..
حماية وليس استعمار
المغرب لمن لا يعلم، كان خارج دائرة الاستعمار الفرنسي الذي احتل مناطق من المغرب العربي باكرا.. ولم يتم إخضاعه عبر انتداب واتفاقية حماية لا غير، إلا سنة 1912.. بعدما جرى احتلال تونس عام 1881.. والجزائر قبلها بعام أي سنة 1830.. من خلال استعمار استيطاني يقضي بإلحاق شعوب وجغرافيا الجزائر (لم تكن تحمل هذا الإسم آنذاك أصلا) إلى الشؤون الداخلية الفرنسية كمقاطعة فرنسية “كاملة الأوصاف والأركان”.
الجزائر.. من احتلال إلى احتلال
ونقف مشيرين هنا أن ما يسمى “مكة الثوار على خط النار.. والشووهااضاا وبلابلابلا” كانت أول المستَعمَرين.. بل والتي انتقلت أصلا إلى الاستعمار الفرنسي عن طريق تسليمها من طرف احتلال آخر هو الاحتلال التركي (وكانت آنذاك عبارة عن مدينة الجزائر وبعض الحواضر والموانئ الساحلية فقط).. ف”مكة الثوار” مثلت دائما “مركز القابلية للاستعمار”.. ثم هي آخر بلد في المنطقة انعتق من الاحتلال (احتلال فرنسي واحد فقط خلاف المملكة المغربية) وبمساعدة كل الجيران ومصر وروسيا.. بعد 315 سنة احتلال تركي و 132 سنة احتلال استيطاني فرنسي.
الاستثناء المغربي
لقد شكّل المغرب حالة استثناء في المحيط العربي (بما فيه المحيط المغاربي) بالنسبة لظاهرة وموجة الاستعمار الأوروبي التي بدأت منذ أوائل القرن الـ19.. ذلك أن المغرب كان إلى عهد قريب يلقب ويسمى بالإمبراطورية المغربية، والمملكة الشريفة، والإمبراطورية الشريفة. إمبراطورية تحمل إرثا تاريخيا عظيما وعريقا امتد لأكثر من 12 قرنا كدولة أمة (ابتداء من 172 هجرية/ 788 ميلادية) سيطرت على الخلافة في الغرب الإسلامي.. ولم تخضع للخلافة بالمشرق كباقي الدول العربية. إمبراطورية مثلت الغرب الإسلامي بسلاطينها المغاربة وجيوشها وأساطيلها البحرية المغربية وبعواصمها المتعددة تعدد السلالات الحاكمة التي تولت حكم البلاد والمملكة (وليلي .. فاس .. مراكش .. فاس .. مراكش .. مكناس .. فاس .. الرباط).
لقد شكلت المملكة المغربية، بحق، إمبراطورية مترامية الأطراف حيث امتد مجالها الجغرافي في فترات الأوج والقوة من الأندلس شمالا إلى نهر السنغال وعمق الصحراء الأفريقية جنوبا، وإلى تخوم مصر شرقا. لدرجة أن الأوربيين كانوا يقيمون وزنا واعتبارا خاصا لعظمة وقوة المغرب.. كنظام سياسي ودولة أمة عريقة تمتلك عراقة سياسية ودبلوماسية وتجارية وعسكرية هائلة ممثلة للخلافة وإمارة المؤمنين بالغرب الإسلامي، ومستقلة عما يسمى بالخلافة العثمانية.