تمغربيت:
(إغزار ن أوشن)، منطقة بين الناظور ومليلية
شباب اليوم يعرفون مسلسل “وادي الذئاب” التركي.. لكن القليل من المغاربة، فضلا عن غيرهم، يعرفون التاريخ الذي يؤرخ لملحمة تاريخية وقعت بالريف المغربي سميت على موقع المعركة وهي “وادي الذئب” وبالريفية (إغزار ن أوشن).. ويطلق عليها الإسبانيون تسمية “كارثة وادي الذئب – El desastre del Barranco del Lobo”. ذلك أن الإسبان يعتبرونها بحق هزيمة وكارثة ونكسة عسكرية.
أسود الريف. من عبد الكريم الخطابي إلى محمد أمزيان
وذا كان الغالبية يعرفون أسد الريف سيدي عبد الكريم الخطابي ومعركة أنوال 1921.. فالقلة القليلة فقط من يعرفون المجاهد الزعيم الديني والروحي والقاضي المحترم الشريف محمد أمزيان ومعركة وادي الذئب 1909.
وتجدر الإشارة إلى أن “إغزار ن أوشن” (إغزار: الواد و أوشن: الذئب وأوشانن: الذئاب): هو فج يطل على مدينة مليلية قرب مدينة الناظور.. وفي الترجمة يمكن أن تجده باسم “وادي الذئب” كما أرجحه أو”وادي الذئاب” أيضا..
معركة وادي الذئب .. 12 يوليوز 1909
وقعت معركة وادي الذئب قبل إقامة إسبانيا نظام الحماية بالمغرب سنة 1912.. وقبل معركة أنوال سنة 1921. وقد اندلعت هذه المعركة في سياق ازدياد التواجد والنشاط الإسباني المكثف في الريف المغربي خصوصا. تقدمه اشتغال الشركات الإسبانية في مجال المعادن، الأمر الذي كان يراه ويقابله “الريافة” بالريبة والحذر والنفور..
وعلى على إثر توسع هذه النشاطات، تحالفت القبائل الريفية واختارت لها قيادة الشريف محمد أمزيان.. فبدأت القبائل الريفية، بمجرد ما أسندت إليه الزعامة، في القيام بأعمال تخريب الخط الحديدي، وشن هجمات على العمال الأجانب بهذه المناجم.. فتم قتل 6 عمال أجانب يوم 9 يونيو 1908.. مما استغلته إسبانيا كمبرر كاف للقيام بتدخل عسكري مباشر وكاسح (استعدت له سنة كاملة)، جندت له إسبانيا جيشا متكونا من 22.000 جندي مجهزين بعتاد حربي حديث ليكون الصدام يوم 9 يوليوز 1909، قرب مدينة الناظور في موقع “وادي الذئب” المطل على مدينة مليلية المحتلة.
وخلال هذه المعركة توغل الجيش الإسباني في عمق الريف، عبر الجبال والفجاج، ليواجه معاقل جيش الشريف أمزيان ب (كوروكو)، الذي حاصرالجيش الإسباني من كل جهة.. فوجد الجنود الإسبان أنفسهم، بعد أيام من التطاحن مع جيش الشريف أمزيان، في وضع صعب للغاية، حتى وهم يتراجعون بحيث لم يترك لهم الريافة فرصة للانسحاب التكتيكي المنظم.. وفي نهايه ذلك الشهر (يوليوز 1909) كانت اسبانيا قد تكبدت خسائروخيمه وفقدت المئات من جنودها وضباطها أيضا.. وكانت حصيلة المواجهة بالأرقام كارثية بالنسبة للإسبان.. ففي المجموع، لقي 358 جندي إسباني حتفهم في المعارك، كما تم إحصاء 2200 جريح أعيدوا إلى بلدانهم.. وبهذا يعتبر الإسبان هذه المعركة هزيمة عسكرية ونكبة تاريخية.